غلوريا بولو
2- غلوريا بولو – على ابواب جهنّم
الأنفس المطهرية
لاحِظوا أنني كنتُ ملحِدة، ولكن هناك رحتُ أصرخ وأستغيث:
” أيتها النّفوس المطهرية! أرجوكِ، ارفعيني من هنا أتوسّل إليكِ، ساعديني!”
و بينما أنا أصرخ وأستغيث، رحت أسمع نواح الآلاف والآلاف من الأشخاص، شباب…. نعم، بالأخص شباب، بعذاب كبير! أدركت أنّ هناك، في هذا المكان المرعب، في هذا المستنقع من الكره والعذاب، كانوا يصرّون أسنانهم، مع صراخ ونحيب ملأني بالشّفقة ليس بإمكاني نسيانها.
(10 سنوات مضت حتى الآن، لكنّي ما زلت أبكي وأتعذّب، عندما أتذكّر عذاب هؤلاء الأشخاص)….
كنت أقول، فهمت أنه في ذلك المكان حيث هؤلاء الأشخاص، وفي لحظةِ يأس، قد ارتكبوا الانتحار…. وهم الآن في هذه العذابات، مع تلك المخلوقات المرعبة بجوارهم، محاطين بالشّياطين التي تعذّبهم. ولكن أعنف هذه العذابات هو غياب الله، لأن هناك لا نشعر بالله. فهمت أن هؤلاء الذين وضعوا حداً لحياتهم في لحظة يأس، كان عليهم المكوث هناك، في هذه العذابات، الى أن ينقضي كل الوقت الذي مضوه على الأرض. لأن هؤلاء الذين ينتحرون يخرجون من النّظام المقدّس. هؤلاء المساكين، خاصةً الشباب منهم الكثر، الكثر…. يبكون ويتألّمون كثيراً…. إذا عرف الإنسان العذاب الذي ينتظره، فلا يقرر أحد وضع حدٍّ لحياته!
هل تعرفون ما هو أعظم عذاب، هناك؟ أنه رؤية الأهل أو الأقارب الذين على قيد الحياة، يبكون ويتألّمون مع إحساس هائل بالذّنب: لو عاقبت أو لم أعاقب، لو قلت له أو لم أقل له، لو فعلت هذا أو ذّاك…. في النهاية، إنه أسف مهول، وهو جهنّم حقيقي للذين يحبونهم وما زالوا في هذه الحياة. إنهم هم ما يجعلهم يتألّمون الأكثر. إنه أعظم عذاب لهم، وهو هنا متى الشياطين تزمجر، وهي تكشف تلك المشاهد: “أنظر كيف تبكي أمّك، أنظر كم هم يائسون، كيف هم منهارون، كيف يلومون أنفسهم، ويلقون التّهم على بعضهم البعض، أنظر إلى كل الألم الذي سبّبته لهم. شاهد كيف هم يتمرّدون على الله. أنظر إلى عائلتك… كل هذا بسبب خطأِك!”
ما تريده تلك النفوس المسكينة، هو أن من لا يزالون هنا قد يبدأون مسيرة توبة، قد يبدّلون حياتهم، قد يقومون بأعمال صدقة وإحسان، قد يزورون المرضى…. وأن يقدّمون قداديس على راحة أنفس الأموات. تلك الأنفس تستفيد كثيراً من كل هذا. في الواقع، إن الأنفس التي تنتهي في المطهر لن تستطيع بعد فعل أي شيء لذاتها. لا شيء! أما الله فيستطيع، من خلال القدّاس. وعلينا مساعدتهم بهذه الوسيلة. عندها فهمت أن تلك الأنفس المسكينة ليس بإمكانها مساعدتي، وفي هذا الألم، في هذا الضيق، رحتُ أبكي من جديد وأتأوّه: “لكن هناك خطأ! أنظروا أنا قدّيسة! ما سرقت يوماً ! ما قتلت يوماً! ما فعلت شرّاً لأحدٍ ما قط ! بالعكس قبل فشلي في عملي، استوردْت أفضل السّلع من سويسرا، اقتلعت وسوّيت الأسنان، مرّات عديدة لم أطالب الزبائن الدفع إذا ما كانوا قادرين. ابتعت أغراض وأعطيتها للفقراء! فما الذي أفعله هنا؟! كنت أبرّر حقوقي! أنا التي كنت جداً صالحة، والتي كان يجب دخول الجنّة مباشرة، ما الذي كنت أفعله هنا؟!
كنت أذهب كل أحد إلى القدّاس، بالرّغم أنّني اعتبرت نفسي ملحدة. ولم أعر اهتمام لكلام الكاهن، فلم أكن أفوّت القدّاس. إذا كنت قد فوّتُّ القدّاس 5 مرّات خلال كلّ حياتي، فهذا كثير! فما الذي كنت أفعله هناك؟!
“لكن ما الذي أفعله هنا؟ ارفعوني من هنا! أخرجوني من هنا!”
و واصلتُ الصّراخ مرعوبة، مع تلك المخلوقات الرهيبة المتعلّقة بي!
” أنا كاثوليكية، أنا كاثوليكية أرجوكم أخرجوني من هنا!”
لاحِظوا أنني كنتُ ملحِدة، ولكن هناك رحتُ أصرخ وأستغيث:
” أيتها النّفوس المطهرية! أرجوكِ، ارفعيني من هنا أتوسّل إليكِ، ساعديني!”
و بينما أنا أصرخ وأستغيث، رحت أسمع نواح الآلاف والآلاف من الأشخاص، شباب…. نعم، بالأخص شباب، بعذاب كبير! أدركت أنّ هناك، في هذا المكان المرعب، في هذا المستنقع من الكره والعذاب، كانوا يصرّون أسنانهم، مع صراخ ونحيب ملأني بالشّفقة ليس بإمكاني نسيانها.
(10 سنوات مضت حتى الآن، لكنّي ما زلت أبكي وأتعذّب، عندما أتذكّر عذاب هؤلاء الأشخاص)….
كنت أقول، فهمت أنه في ذلك المكان حيث هؤلاء الأشخاص، وفي لحظةِ يأس، قد ارتكبوا الانتحار…. وهم الآن في هذه العذابات، مع تلك المخلوقات المرعبة بجوارهم، محاطين بالشّياطين التي تعذّبهم. ولكن أعنف هذه العذابات هو غياب الله، لأن هناك لا نشعر بالله. فهمت أن هؤلاء الذين وضعوا حداً لحياتهم في لحظة يأس، كان عليهم المكوث هناك، في هذه العذابات، الى أن ينقضي كل الوقت الذي مضوه على الأرض. لأن هؤلاء الذين ينتحرون يخرجون من النّظام المقدّس. هؤلاء المساكين، خاصةً الشباب منهم الكثر، الكثر…. يبكون ويتألّمون كثيراً…. إذا عرف الإنسان العذاب الذي ينتظره، فلا يقرر أحد وضع حدٍّ لحياته!
هل تعرفون ما هو أعظم عذاب، هناك؟ أنه رؤية الأهل أو الأقارب الذين على قيد الحياة، يبكون ويتألّمون مع إحساس هائل بالذّنب: لو عاقبت أو لم أعاقب، لو قلت له أو لم أقل له، لو فعلت هذا أو ذّاك…. في النهاية، إنه أسف مهول، وهو جهنّم حقيقي للذين يحبونهم وما زالوا في هذه الحياة. إنهم هم ما يجعلهم يتألّمون الأكثر. إنه أعظم عذاب لهم، وهو هنا متى الشياطين تزمجر، وهي تكشف تلك المشاهد: “أنظر كيف تبكي أمّك، أنظر كم هم يائسون، كيف هم منهارون، كيف يلومون أنفسهم، ويلقون التّهم على بعضهم البعض، أنظر إلى كل الألم الذي سبّبته لهم. شاهد كيف هم يتمرّدون على الله. أنظر إلى عائلتك… كل هذا بسبب خطأِك!”
ما تريده تلك النفوس المسكينة، هو أن من لا يزالون هنا قد يبدأون مسيرة توبة، قد يبدّلون حياتهم، قد يقومون بأعمال صدقة وإحسان، قد يزورون المرضى…. وأن يقدّمون قداديس على راحة أنفس الأموات. تلك الأنفس تستفيد كثيراً من كل هذا. في الواقع، إن الأنفس التي تنتهي في المطهر لن تستطيع بعد فعل أي شيء لذاتها. لا شيء! أما الله فيستطيع، من خلال القدّاس. وعلينا مساعدتهم بهذه الوسيلة. عندها فهمت أن تلك الأنفس المسكينة ليس بإمكانها مساعدتي، وفي هذا الألم، في هذا الضيق، رحتُ أبكي من جديد وأتأوّه: “لكن هناك خطأ! أنظروا أنا قدّيسة! ما سرقت يوماً ! ما قتلت يوماً! ما فعلت شرّاً لأحدٍ ما قط ! بالعكس قبل فشلي في عملي، استوردْت أفضل السّلع من سويسرا، اقتلعت وسوّيت الأسنان، مرّات عديدة لم أطالب الزبائن الدفع إذا ما كانوا قادرين. ابتعت أغراض وأعطيتها للفقراء! فما الذي أفعله هنا؟! كنت أبرّر حقوقي! أنا التي كنت جداً صالحة، والتي كان يجب دخول الجنّة مباشرة، ما الذي كنت أفعله هنا؟!
كنت أذهب كل أحد إلى القدّاس، بالرّغم أنّني اعتبرت نفسي ملحدة. ولم أعر اهتمام لكلام الكاهن، فلم أكن أفوّت القدّاس. إذا كنت قد فوّتُّ القدّاس 5 مرّات خلال كلّ حياتي، فهذا كثير! فما الذي كنت أفعله هناك؟!
“لكن ما الذي أفعله هنا؟ ارفعوني من هنا! أخرجوني من هنا!”
و واصلتُ الصّراخ مرعوبة، مع تلك المخلوقات الرهيبة المتعلّقة بي!
” أنا كاثوليكية، أنا كاثوليكية أرجوكم أخرجوني من هنا!”
رأيتُ أهلي
عندما صرخت بأنني كنتُ كاثوليكية، رأيتُ نوراً صغيراً: فأنتم تفهمون أن ضوءاً صغيراً حتى الصغير جداً، في هذه الظّلمة، هو بالشيء الكثير، إنه أعظم هديّة قد نتلقّاها. رأيتُ بعض الدرجات عند أعلى هذه الهوّة، ثم أرى أبي (الذي توفّي منذ 5 سنوات) تقريباً عند مدخل الهوّة.
كان له القليل من النور، ومن ثم أربع درجات إلى أعلى رأيتُ أمي، مع أكثر من النور وبوَضْعيّة هكذا، كما في صلاة.
حالما رأيتهما، اختبرت سعادة عظيمة وبدأتُ الهتاف:
“أبي! أمي! يا للسعادة! تعالا وخذاني، تعالا وأخرجاني من هنا! أبي، أمي، أرجوكما. أخرجاني من هنا! أتوسل لكما، أقيماني من هنا ! اخطفاني!!”
وبينما كان كل هذا يحصل، كان جسدي في كوما عميقة، كانت الأنابيب موصولة إلى الآلات، وأحتضر.
الهواء لم يكن يدخل إلى رئتَيْ، كما الكليَتيْن لم تكن تعمل….إذاً كنت موصولة إلى الآلات، ذلك بسبب أختي، وهي طبيبة، التي كانت قد أصرّت هي مع زميلة لها، مستندتَيْن إلى الدافع أنهم ليسوا الله.
في واقع الأمر، لقد فكّروا بأنه ليس مستحق لإبقائي على قيد الحياة، وقالوا تلك العبارات لأقربائي: قالوا أنه ليس من المفروض المضي بالأمر برفق، وأنه من الأفضل تركي أموت بسلام، لأنه بكل الأحوال وجدت نفسي أحتضر. ألحّت أختي بقوة بأن…
و لسخرية القدر؟ كنتُ أدافع عن الموت الرحيم، حقوق الموت بكرامة!
الأطباء لم يدَعوا أحد الدخول حيثما كنت، إلّا طبيبة أختي، التي مكثَت إلى جانبي.
عندها نفسي التي كانت في العالم الآخر، رأت أهلي، فأختي التي كانت إلى جانب جسدي في الكوما، قد سمعتني بوضوح أناديهم، في غاية الفرح، بأنهم قد يأتوا لاصطحابي.
بالإمكان أن يكون قد حدث لأحد منكم قد سمع شخص ما في حالة الغيبوبة أن يصرخ هذا الأخير، أو يتلفّظ ببعض الكلمات: هذا الذي حصل معي. كنتُ على وشك تسبّب الموت لأختي من الفزع! في الواقع بدأت أصرخ بفرح عندما رأيتهما، طالبة منهما المجيء لأخذي، لذا أختي التي سمعت كل هذا صرخت:
“الآن لقد ماتت، أختي! لقد أتى أبي وأمي لأخذها! إرحلا لا تأخذاها! إرحلي أمي أرجوكِ، إرحل أبي أرجوك: لا تأخذاها! ألا تريان بأن لديها أولاد صغار! لا تأخذاها! لا تأخذاها!
كان على الأطباء سحبها من هناك، ظانّين أن أختي المسكينة كانت تهذي، وقد تكون في حالة صدمة، والتي قد كانت حالة طبيعية، لأن الذي يحدث ليس بالأمر البسيط: موت قريبي،الذهاب لأخذ الجثمان إلى المدفن، الأخت التي تموت، لا تموت، ولكن لن تعيش لأكثر من 24 ساعة، بحسب تقدير الأطبّاء…
الآن كان اليوم الثالث وهي في هذا الغم دون أن تنام، لا تتعجّبوا بأنهم اعتبروها منهكة وفريسة الهلْوَسة…
بالنسبة إلى وضعي، تخيّلوا أيّ فرح عندما أرى أهلي! في هذا الوضع، في هذه الحالة المرعبة التي وجدتُ فيها نفسي، أرى أهلي!
عندما نظرا باتجاهي ورأياني هناك، لا تتّخيلوا مدى الحزن الذي بدا على وجهيْهما. بما أن هنا ندرك ونرى مشاعر الآخرين، رأيتُ الألم الذي أحسّا به، عذابهما كان كبيراً جداً. بدأ أبي بالبكاء كثيراً، كثيراً وصرخ:
“إبنتي! آه، لا ! يا إلهي، إبنتي! لا ! يا إلهي إبنتي الصغيرة لا!”
أمي كانت تصلّي، وعندما نظَرَت إلي ورأتْ الدموع في عينَيْ، لكن في الوقت ذاته ما من شيء عكّر سلامها وصفاء وجهها، ولا حتى دمعة! بدلاً من البكاء، رفعت عيناها إلى الأعلى، ثم عادت لتنظر إلي. فهمتُ مرعوبة بأنه ليس باستطاعتها انتشالي من هناك! هذا ما زاد عذابي، رؤيتهم هناك يشتركان بآلامي من غير أن يستطيعا بأن يفعلا أيّ شيء لي!
فهمتُ أيضاً أنهما كانا هنالك لإعطاء الحساب إلى الرب عن التربية التي لقّياني بها.
كانا الوصيّان، اللذان ائتمنهما الله على المواهب التي أعطاني إياها. بحياتهما وشهادتهما، كان عليهما حمايتي من هجومات الشّيطان. وكان عليهما تغذية الفضائل التي وضعها الله بي عن طريق العماد. كل الأهالي هم حرّاس المواهب التي يعطيها الله للأولاد.
عندما رأيتُ عذابهما، بالأخص هذه التي لوالدي صحتُ مجدداً، يائسة:
“أخرجوني من هنا ! أخرجوني من هنا ! ليس بي أخطاء لأكون هنا، لأنني كاثوليكية! أنا كاثوليكية! إنتشلاني من هنا!”
عندما صرخت بأنني كنتُ كاثوليكية، رأيتُ نوراً صغيراً: فأنتم تفهمون أن ضوءاً صغيراً حتى الصغير جداً، في هذه الظّلمة، هو بالشيء الكثير، إنه أعظم هديّة قد نتلقّاها. رأيتُ بعض الدرجات عند أعلى هذه الهوّة، ثم أرى أبي (الذي توفّي منذ 5 سنوات) تقريباً عند مدخل الهوّة.
كان له القليل من النور، ومن ثم أربع درجات إلى أعلى رأيتُ أمي، مع أكثر من النور وبوَضْعيّة هكذا، كما في صلاة.
حالما رأيتهما، اختبرت سعادة عظيمة وبدأتُ الهتاف:
“أبي! أمي! يا للسعادة! تعالا وخذاني، تعالا وأخرجاني من هنا! أبي، أمي، أرجوكما. أخرجاني من هنا! أتوسل لكما، أقيماني من هنا ! اخطفاني!!”
وبينما كان كل هذا يحصل، كان جسدي في كوما عميقة، كانت الأنابيب موصولة إلى الآلات، وأحتضر.
الهواء لم يكن يدخل إلى رئتَيْ، كما الكليَتيْن لم تكن تعمل….إذاً كنت موصولة إلى الآلات، ذلك بسبب أختي، وهي طبيبة، التي كانت قد أصرّت هي مع زميلة لها، مستندتَيْن إلى الدافع أنهم ليسوا الله.
في واقع الأمر، لقد فكّروا بأنه ليس مستحق لإبقائي على قيد الحياة، وقالوا تلك العبارات لأقربائي: قالوا أنه ليس من المفروض المضي بالأمر برفق، وأنه من الأفضل تركي أموت بسلام، لأنه بكل الأحوال وجدت نفسي أحتضر. ألحّت أختي بقوة بأن…
و لسخرية القدر؟ كنتُ أدافع عن الموت الرحيم، حقوق الموت بكرامة!
الأطباء لم يدَعوا أحد الدخول حيثما كنت، إلّا طبيبة أختي، التي مكثَت إلى جانبي.
عندها نفسي التي كانت في العالم الآخر، رأت أهلي، فأختي التي كانت إلى جانب جسدي في الكوما، قد سمعتني بوضوح أناديهم، في غاية الفرح، بأنهم قد يأتوا لاصطحابي.
بالإمكان أن يكون قد حدث لأحد منكم قد سمع شخص ما في حالة الغيبوبة أن يصرخ هذا الأخير، أو يتلفّظ ببعض الكلمات: هذا الذي حصل معي. كنتُ على وشك تسبّب الموت لأختي من الفزع! في الواقع بدأت أصرخ بفرح عندما رأيتهما، طالبة منهما المجيء لأخذي، لذا أختي التي سمعت كل هذا صرخت:
“الآن لقد ماتت، أختي! لقد أتى أبي وأمي لأخذها! إرحلا لا تأخذاها! إرحلي أمي أرجوكِ، إرحل أبي أرجوك: لا تأخذاها! ألا تريان بأن لديها أولاد صغار! لا تأخذاها! لا تأخذاها!
كان على الأطباء سحبها من هناك، ظانّين أن أختي المسكينة كانت تهذي، وقد تكون في حالة صدمة، والتي قد كانت حالة طبيعية، لأن الذي يحدث ليس بالأمر البسيط: موت قريبي،الذهاب لأخذ الجثمان إلى المدفن، الأخت التي تموت، لا تموت، ولكن لن تعيش لأكثر من 24 ساعة، بحسب تقدير الأطبّاء…
الآن كان اليوم الثالث وهي في هذا الغم دون أن تنام، لا تتعجّبوا بأنهم اعتبروها منهكة وفريسة الهلْوَسة…
بالنسبة إلى وضعي، تخيّلوا أيّ فرح عندما أرى أهلي! في هذا الوضع، في هذه الحالة المرعبة التي وجدتُ فيها نفسي، أرى أهلي!
عندما نظرا باتجاهي ورأياني هناك، لا تتّخيلوا مدى الحزن الذي بدا على وجهيْهما. بما أن هنا ندرك ونرى مشاعر الآخرين، رأيتُ الألم الذي أحسّا به، عذابهما كان كبيراً جداً. بدأ أبي بالبكاء كثيراً، كثيراً وصرخ:
“إبنتي! آه، لا ! يا إلهي، إبنتي! لا ! يا إلهي إبنتي الصغيرة لا!”
أمي كانت تصلّي، وعندما نظَرَت إلي ورأتْ الدموع في عينَيْ، لكن في الوقت ذاته ما من شيء عكّر سلامها وصفاء وجهها، ولا حتى دمعة! بدلاً من البكاء، رفعت عيناها إلى الأعلى، ثم عادت لتنظر إلي. فهمتُ مرعوبة بأنه ليس باستطاعتها انتشالي من هناك! هذا ما زاد عذابي، رؤيتهم هناك يشتركان بآلامي من غير أن يستطيعا بأن يفعلا أيّ شيء لي!
فهمتُ أيضاً أنهما كانا هنالك لإعطاء الحساب إلى الرب عن التربية التي لقّياني بها.
كانا الوصيّان، اللذان ائتمنهما الله على المواهب التي أعطاني إياها. بحياتهما وشهادتهما، كان عليهما حمايتي من هجومات الشّيطان. وكان عليهما تغذية الفضائل التي وضعها الله بي عن طريق العماد. كل الأهالي هم حرّاس المواهب التي يعطيها الله للأولاد.
عندما رأيتُ عذابهما، بالأخص هذه التي لوالدي صحتُ مجدداً، يائسة:
“أخرجوني من هنا ! أخرجوني من هنا ! ليس بي أخطاء لأكون هنا، لأنني كاثوليكية! أنا كاثوليكية! إنتشلاني من هنا!”