واجعلوا حذاء في رجليه… تأمل رائع من مديوغورييه
واجعلوا حذاء في رجليه… (لوقا 22:15)
عند وصولي الى مديوغورييه وفي اليوم الأول، ذهبت الى الكنيسة لأبدأ زيارتي بالإعتراف. بعد ان سمع الكاهن اعترافي انتظرت ان يمنحني الحلّ من خطاياي، لكنه لدهشتي سألني إن كنت أعرف مثَل الإبن الضال؟”
أجبته :”نعم، أبتي، بالطبع أعرفه”.
“اذن انت تعرفين اهمية عمل الأب حين اعطى ابنه حذاءاً لرجليه؟”
تردّدت مرتبكة قبل ان أجيب :”في الحقيقة لم أفكر في ذلك ابداً.”
“حسنا”. قال الكاهن :”في تلك الأيام العبيد فقط هم الذين كانوا حفاة القدم. الأسياد والرجال الأحرار كانوا ينتعلون أحذية. لذلك قبل ان تذهبين سوف امنحك حذاءاً لقدميكِ حتى تصبحين حُرّة!”
لم أكن متأكدة من فهمي لكلمات الكاهن اللطيف. فنظرت في غرفة الإعتراف الصغيرة باحثة بعينيّ عن أحذية، لكني لم أجد”. حينها رفع الكاهن يديه الإثنتين ووضعهما فوق رأسي قائلاً بصوت فيه حزم لكن ايضاً مليئ بالحنان: “الله الآب السماوي، أبالمراحم، الذي من خلال موت وقيامة إبنه قد صالح العالم، وأرسل لنا الروح القدس لمغفرة خطايانا، ومن خلال سلطة الكنيسة، ليمنحك الله الغفران والسلام، وأحلّك من جميع خطاياك، باسم الآب والإبن والروح القدس”.
قد يتوقّع البعض ان أقول انني شعرت بسلام وفرح، لكن الحقيقة هي ان الإرتباك كان مسيطراً عليّ ولم اعرف ماذا علي ان أشعر! اشتركت في المساء مع الرعية وكل الحجّاج بالقداس الإلهي، ونسيت أمر الكاهن وكلامه عن حذاء الإبن الضال…
ومرّت بضعة ايام قبل ان تعود كلمات الكاهن مُعرّفي تُردّد صداها في رأسي بقوّة. حصل ذلك عندما قمت مع مجموعتي بتسلّق جبل الصليب كريزيفاك، حيث قمنا برياضة درب الصليب (يتخلّل صعود الجبل 15 لوحة برونزية تمثّل مراحل درب الصليب والمرحلة الأخيرة هي بقمّة الجبل عند الصليب). عادت كلمات الكاهن بالتحديد عند المرحلة الخامسة حيث سخّر الجنود سمعان القيرواني ليساعد الرب يسوع على حمل الصليب. توقّفت بالقرب من اللوحة البرونزية لا أعلم لماذا نظرت الى اسفل اللوحة حيث قدمي المسيح وقربه قدمي القيرواني.. حينئذٍ أدركت هديّة الحذاء!
فالذي رأيته جعلني أفهم حديث الكاهن: “في تلك الأيام العبيد كانوا حُفاة. الأحرار ينتعلون أحذية”
اللوحة تشهد لعملية التحرير … يسوع حافي القدمين … والقيرواني هو الذي ينتعل الحذاء!!!.