ماذا حدث عندما ارتديت زيّ كاهن؟ تحقيق في قوّة تأثير الثوب الكهنوتي
قرّر صحفي القيام بتجربة لإختبار قوّة الزي الرسمي الخاص بكاهن كاثوليكي، حارس أمن، ميكانيكي، وطبيب، لمعرفة مدى تأثيرهم على الناس في الشارع.
الثوب الكهنوتي وكل زيّ رسمي يمنح خصائص وصفات تميّز صاحبها. إنه يؤكد ظهوره. ويثبت مهنته او رسالته، ويتطلّب تفاعل. الجميع يتفاعل: هناك من يفسح الطريق، يلقي نظرة احترام، يبتسم، يتنحى جانباً، وهناك من يُظهر حكم مسبق ويتجاهل.
نذكر هنا ما كتب عن تجربته عند ارتدائه الثوب الكهنوتي.
في البدء شرح الأسباب التي دفعته بالقيام بهذه التجربة:
“قمت بارتداء ثوب كاهن كاثوليكي ليوم واحد وتجوّلت في شوارع المدينة لأرى ردود فعل الناس المختلفة ولأعرف اي مكانة يحتّل الكاهن في أذهان وقلوب شرائح مختلفة من مجتمع اليوم. لم أزّيف بطاقة شخصية، لم أحمل صليباً أو مسبحة . لم تكن فكرتي خداع الناس. لم أقم بالتمثيل عليهم ولم أجرّب اي شي: لم أحاول الدخول مجّاناً الى أمكنة ، او أن أحصل على تخفيض، أو اكتساب احترام لا مبرّر له، لم أمنح بركة لأحد، أو أعطي مشورة، ولم أفعل اي تشخيص. بل كنت أعترف بأني لست كاهنا لكل من توجّه اليّ وتحدّث معي. فقط مشيت بصمت في الشوارع وراقبت تفاعل الناس.”
نتيجة الأختبار لخّصها الكاتب في 5 نقاط:
1- يُحدّق الناس في وجهه بكل مكان ذهب اليه
“ساعة واحدة في ثوب كاهن جعلني أدرك الكثير: في يوم مشمس في شوارع مدينة صاخبة، الكاهن هو أمر ملفت للنظر. الناس بادروا في التواصل بالعين، قاموا بإيماءات وانحناءات برؤوسهم. او حدّقوا بي بعضهم باحترام والبعض الآخر بتباعد.
بعضهم حيّاني بابتهاج “صباح الخير، أبتِ” واستمروا مبعدين. جولة في حارات المدينة، والعالم لا يرفع نظره عن كاهن يمشي في الشارع!”
2- يرغب الناس في لمسه
“بشكل عام، عند ارتدائك اي زي خاص، لن يلمسك أحد. إلا الكاهن! الناس يريدون لمس الكاهن، في الغالب يمسكون معصمه. حدث ذلك معي 12 مرة. وعدة مرات ربتوا على كتفي خلال تحدّثهم معي. كأنه نوع من تأكيد الإتصال، او اعتراف منهم ببعض القواسم المشتركة التي لم استطع فهمها.”
“الغريب، كان زي الكاهن الأكثر تطلّباً مني جسدياً، من بين الأربعة الذين ارتديتهم. طوال النهار معانقة أشخاص والركوع للتحدّث مع الأطفال، والإنحاء عند التقاط الناس لصورهم معي.”
3- الأشخاص المتشرّدون بشكل خاص هم أكثر من حاولوا التواصل معي
“خصوصاً المحتاجين. طوال النهار واجهت رجالاً بلا مأوى، عائلات مشرّدة يجثمون في الشوارع. أحيانا مدّوا أيديهم إليّ، لمسوا يدي. مرّتين طُلب مني منح بركتي ككاهن، بالتأكيد لم أفعل. اعترفت لهم أنني لست كاهناً. بدأت أتمنى لو كنت قادراً على إداء خدمة للعالم. لكني وجدت أنني لا أستطيع عمل شيء.”
“الزيّ الكهنوتي يأتي مع بعض المسؤولية. وإلا فهو مجرّد ثوب تنكّري. ركعت بالقرب من رجل متشرّد وبيدي مبلغاً متواضعاً من المال ناولته إياه قائلاً “لست كاهناً، لكني أشعر معك”. لم أستطع فعلها مرة واحدة فقط، بل كان عليّ أن أكرّرها الكثير من المرات. المدينة كبيرة وهناك الكثير من النفوس المعانية العالقة عند مداخلها. لا يزال ذلك يسبّب لي الحزن أكثر مما كنت أتصوّر.”
4- يصبح الكاهن جزءاً من جولة في المدينة.
“في منتصف النهار شعرت بالجوع، فتوقفت لشراء شطيرة من عربة طعام على جنب الشارع.، حين مرّت بقربي حافلة سياحية مليئة بالركّاب الذين لوّحوا لي جميعهم فرحين، فلوّحت لهم . أمراً لا يحدث مع أصحاب الزي الآخرين.”
5- أن تكون كاهن هو أمراً صعباً
نظراً لرؤيته مدى كثرة التجاء الناس اليه طلباً للأمل والمساعدة وهو يرتدي الزي الكهنوتي، استنتج الكاتب ما يلي:
“بشكل شديد الغرابة وجدت أن زيّ الكاهن هو الأكثر تطلّباً من ناحية جسدية. من السهل أن تضع عليك زيّ كاهن، لكنه حقّاً ليس من السهل على الإطلاق أن تكون كاهناً.”
“في الحقيقة، التجوّل في المدينة مرتدياً الثوب الكهنوتي جعلني أشعر كأني إمرأة جميلة ترتفع اليها النظرات بمحبة لكن دون شهوة. كنت كالمغناطيس يجذب ويفتن الناس. في ذلك اليوم الذي ارتديت فيه ثوب كاهن نظرت بحنان مرات كثيرة لدرجة أصبح الحنان بالنسبة لي، القيمة العليا في العالم. جعلني كل ذلك أنظر الى العالم بشكل أفضل.”