الكنيسة المقدسة

كيف يشعر الكاثوليك نحو البابا فرنسيس؟ وحسب أي أمور تحكم مشاعرهم؟

مشاعر الناس حول البابا فرنسيس هي مشاعر قويّة. هم إمّا يحبونه أو يكرهونه (أو الأفضل أن نقول لا يحبّونه )
لكن الأغلبية العظمى من الكاثوليك يحبّون البابا فرنسيس ولأسباب مختلفة.

VATICAN-POPE-PALMS
هناك فئة من الكاثوليك ممارسين لإيمانهم، يرون أعمال الرحمة التي يقوم بها، وبساطته، ورفضه لمظاهر الأبهة والفخامة كعلامة على أنه يُجري إعادة توجيه للكنيسة ويرفعها الى مركز لاهوتي متجدّد.

الفئة الثانية من الذين يحبّون البابا فرنسيس هم أولئك االأمينين لعقائد الكنيسة، ويرون البابا فرنسيس كشخص يُمثّل أسلوباً مختلفاً عما اعتادوا أن يروه من الباباوات السابقين.
اغلبية الناس عرفوا وعاصروا البابا القديس يوحنا بولس الثاني والبابا بنديكتوس. يُلاحظ فوراً الفرق بين الإهتمامات الدينية للبابا فرنسيس وتلك التي لبنديكتوس ويوحنا بولس الثاني .مثل الزواج التقليدي، انشقاق رجال الدين، التخلّي عن المنطق، تراجع الغرب الخ… تلك المواضيع تكلّم عنها الباباوان السابقان . كانا أكاديميين وتعليمهم كان بنفس المستوى. البابا فرنسيس تحدّث بلغة الشعب بطبيعية وبساطة ويجذب الناس بالكاريزما التي يتمتّع بها وبواقعية إيمانه أي أنه يفعل ما يؤمن به.

2

الفئة الوحيدة التي “لا تحبّ” البابا فرنسيس هم مجموعة المؤيّدين لإعادة القدّاس اللاتيني، خصوصاً أولئك الذين يرفضون المجمع الفاتيكاني الثاني ويعتبرون البابا بنديكتوس البابا الشرعي للكنيسة بالرغم من استقالته (يتجاهلون كل التصريحات التي شرح فيها أسباب استقالته ويُصرّون أنه أُزيح وأُرغم على الإستقالة) لأنه كان يرغب بإعادة القداس اللاتيني التقليدي وتشجيع استخدام اللغة اللاتينية. الأمر الذي لا يبدو أن البابا فرنسيس يهتم له. تزعجهم وتؤرقهم ليبراليته وانفتاحه . يعتقدون أن عليه جعل المؤمنين يرتدّون الى الإيمان القويم – الى القدّاس اللاتيني. يبدو أنهم لا يؤمنون بأن مبادرات المحبّة والرحمة والعطف تقوم بذلك، كالتقرّب من المهملين وتعزية المساكين واحتضان المهمّشين وتشجيع المرضى وغيرها من مبادرات لمست قلوب الملايين لأنها طبيعية، حقيقية، وصادقة… هذه المبادرات الملموسة، المحسوسة، الواقعية التي يقوم بها قداسة البابا. والتي قال عنها الغير مسيحيين أنّها غيّرت العالم!!

هذه الفئة هي التي تنشر تحليلات خاطئة وتفسيرات مغلوطة لعظاته وتعليمه. والجدير بالذكر بل هي نقطة أساسية يجب الإنتباه لها أن كل ما نُشر حتى الآن من أخبار تدّعي أن البابا فرنسيس يُعلّم تعليم خاطئ ويعمل على تغيير العقيدة لم يُثبت منها شيئاً، ولم يصدر عن الكرسي الرسولي أي تعليم مناقض للإنجيل بل بالعكس البابا فرنسيس يحيا ويتنفّس الإنجيل.

ولأن كان صحيحاً أن هناك يلا شكّ تركيز جديد من البابا فرنسيس ، رغبة في توسيع مواضيع النقاش، لكنّه أمر خيالي وغير واقعي أن نعتقد أنه يريد أن يعمل تغيير في العقيدة وفي المذهب الكاثوليكي التقليدي. الناس تعلق في الضجّات الإعلامية . ضجّات تم خلقها من قبل ناس ليس لديهم أي معرفة عن الإيمان الكاثوليكي الحقّ ولا عن أولئك الذين يقودونه. وسائل الإعلام تحبّ الخبر الذي يبيع ويبالغون بالتسويق لأي خبر عن طريق الإثارة. والحديث عن أن البابا فرنسيس أنكر وجود جهنّم، يسمح بزواج المثليين، يُسهّل الطلاق، يسمح بمناولة المطلّقين، يقبل كهنوت النساء، وغيرها من الأخبار التي نشرتها الإعلام، تم دحضها وتكذيبها ليس فقط بالكلام، بل بالنتائج مثل القرارت الصادرة عن سينودوس العائلة وتعليم البابا الرسولي.
في السنوات الأخيرة تعلّمنا مراراً كثيرة أن لا نثق بأخبار وسائل الأعلام عن الكنيسة الكاثوليكية. الحقيقة هي أنهم لا يعلمون شيئاً عن الموضوع.

3

نعم البعض تخلّى عن البابا فرنسيس.ويقول آخرون أنه “النبي الكذاب” الذي سيرافق المسيح الدجّال في الأزمنة الأخيرة. آخرون لا يحبّون أسلوبه، يتذمّرون من “زلّاته المقصودة” في وسائل الإعلام وأنّه يسوعي داهية يريد تقويض الإيمان الكاثوليكي.

الأمر الأول الذي علينا تذكّره هو أنّه الأب الأقدس. وهو لن يغيّر العقائد الكاثوليكية او التعاليم الدينية والأخلاقية للكنيسة. لا يمكنه تغييرها وهو بعرف ذلك جيداً.هو إصلاحي وهناك الكثير الذي يمكنه فعله لإصلاح حالة الكنيسة. في الحقيقة لقد أنجز الكثير.
تصريحه بخصوص رسامة النساء هو دليل ومؤشّر على عدم صحة ما ينشره أعداؤه في وسائل الأعلام “الباب مغلق في وجه رسامة النساء”

L'ora dei papi

الأمر الثاني الذي علينا تذكّره هو أنّ الله أنعم علينا في العقود الأخيرة بباباوين متميّزين هما البابا القديس يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر أغلبنا لا يتذكر نوع آخر من البابوية. وهما كانا رجلا قداسة بارزة، أصحاب إنجازات فكرية ، شجاعة و بصيرة لامعة. كما كانا مسانَدين كثيراً، ودعموا أحدهم الآخر.
أما فرنسيس فهو مختلف، وإن لم يكن نظيرهما في تلك الصفات، فإن لديه بلا شك نقاط قوّة أخرى. فبدلاً من أن ننتقده على ما لا نجده لديه علينا أن نحبّه لما هو عليه!

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق