أخبارقصص القديسين

قبّلَتني وغمرَتني بين ذراعيها وكدت أموت، نعم أموت!

السيّدة العذراء والقدّيسة جيمّا غلغاني

لطالما أحبّت جيمّا ملكة الملائكة السماوية حبًّا شديدًا، التي، بثقة عذبة، أطلقت عليها اسم “أمّي الحبيبة”. بعد أن تُركت يتيمة بوفاة أمها الأرضية في سنوات طفولتها، عوّدت نفسها بعد ذلك ألا تعترف بأي أمّ سوى مريم، وكانت دائمًا تتصرف على أنها ابنتها المخلصة والمُحِبّة. بعد يسوع، كان كل قلبها لمريم.

أمي الحبيبة، سأحبك دائمًا وإلى الأبد

اعتادت أن تقول: “آه كم أُحبّ أمّي، هي تعلم ذلك. يسوع ذاته أعطاني إياها، وقال لي أن أُحبّها كثيرًا. وأي خير عظيم أظهرته لي هذه الأمّ السماوية دائمًا! ماذا كان سيحدث لي، لو لم يكن لديّ أمّي؟”

“لقد ساعدَتني دائمًا في احتياجاتي الروحية؛ أنقذتني من مخاطر لا حصر لها؛ حرّرتني من يد الشيطان الذي كان يأتي بلا توقف لمضايقتي؛ توسّلَت ليسوع من أجلي ودافعت عني عندما أخطأت، وقد هدّأَته عندما أغضَبتُه بسبب حياتي الشريرة؛ وعلّمتني أن أعرفه وأحبه، وأن أكون صالحة وأُرضيه. آه، يا أمي الحبيبة، سأحبك دائمًا وإلى الأبد”.

كانت هذه التعبيرات وما شابهها من المودّة الرقيقة في قلب القدّيسة جيما غلغاني وعلى شفتيها، وكانت تتحدّث عنها باستمرار في رسائلها. فهل كان من الممكن لأمّنا القديسة إذن ألا ترُدّ مثل هذا الحب العذب مائة ضعف؟ أعطت جيمّا نفسها لمريم ومريم لجيمّا.

ولإظهار مدى حبّها لها، إلى جانب النِّعم التي لا تُحصى التي حصلت عليها من يسوع، غالبًا ما كانت السيّدة العذراء تتلطف لتأتي إليها بشكل مرئي وتسمح لها برؤيتها وجهًا لوجه، مداعبة إياها وغمرها في حضنها الأمومي.

ملاطفات العذراء الحُبّية

في كتاب “حياة القدّيسة جيمّا غلغاني” الذي كتبه الكاهن مرشدها المكرّم الأب جرمانوس روبولو (الكنيسة تبحث في دعوى تطويبه) ذكر العديد من رسائلها إليه وقد تضمّنت جميعها حديث جيمّا عن الملاطفات الحُبّية التي أغدقتها الأمّ السماوية عليها. في إحدى رسائلها إليه كتبت:

“كنت جالسة في السرير، ولم أنم بعد. بدا الأمر كما لو أن سيدة جميلة اقتربت مني وتحرّكت لتُقبّلني. لقد أُخرِجتُ من نفسي ولم أعد في العالم. على الفور قدّمتُ ألف احتجاج وفقًا للتعليمات التي أعطيتَني (قد طلب منها مقاومة الانخطافات للتأكّد أولًا من طاعتها وتواضعها وثانيًا للتأكّد أن هذه الزيارات هي فعلًا سماوية وليست من حِيَل الشيطان). نظرت إليّ أمّي السماوية ، وابتسمت وقالت: إبنتي الحبيبة!”

“سامحني، أبتِ إذا استسلمت سريعًا، لكنّي أدع أمّي تفعل كل ما يحلو لها. فقبّلَتني وغمرتني بين ذراعيها.
كدت أموت، نعم، أموت، من حلاوة التعزية. أوه، كم من الملاطفات اللذيذة!… هي تحبّني كثيرا! قالت أنها أتت من أجل باقة زهوري، ألا تعلم؟ وجدتني فقيرة جدًا، وشجعتني على ممارسة الفضيلة، وخاصة التواضع والطاعة.”

“قالت لي بعض الكلمات التي لم أفهمها، ثم أضافت: “يا ابنتي، إعملي على صقل روحك لتصبح كاملة سريعًا”. ماذا حدث بعد ذلك، لا أعلم.”

“كلمة “سريعًا” تلك تسبّبت في حركة عنيفة في قلبي، حيث وضعت أمّي الحبيبة يدها الجميلة، بحيث لم أستطع الكلام، لكنني طلبت منها بذهني أن تشرح لي. فتحتُ عيناي وقدّمت طلبي من خلالهما.

أجابتني على هذا النحو: “قولي لأبيك (الأب جرمانوس)، أنه إذا لم يهتمّ بأمرك (أن يُدخلها في الدير)، فسوف آخذك قريبًا إلى السماء!” قبّلتني قائلة: “إذا لم يفعل ذلك بسرعة، فسنكون معًا أسرع مما يتصوّر”.

كتب الأب جرمانوس معلِّقًا: لقد حدث تمامًا كما قالت، ولا زلتُ أشعر بالندم بسبب ذلك. في أقل من عام مرضت جيمّا بشكل غير متوقع وانتقلت إلى السماء.

“أيتها الأمّ الطوباوية، أعيريني قلبكِ، فأنا أبحث عنه كل يوم لأسكب فيه متاعبي” – القدّيسة جيمّا غلغاني

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق