هكذا كان ظهور الرب يسوع لأمّه مريم العذراء حالًا بعد قيامته من الموت
بحسب رؤيا ماريا فالتورتا
لم يذكر لنا الإنجيل ظهور الرب يسوع لأمّه مريم العذراء بعد أن قام من بين الأموات. لكن الأمر بديهي عند المؤمنين أنّ أول عمل قام به السيد المسيح فجر أحد القيامة هو رؤية شريكته في عمل الفداء. تلك التي بقيت بقربه حى النهاية وشاركته الآلام والتضحية.
“الإنجيل كما كُشِف لي” هو عنوان كتابات ماريا فالتورتا المرأة التي اختارتها السماء لتشاهد وتدوّن أحداث الإنجيل والكثير من الأمور التي لم تُذكر من حياة الرب يسوع والسيدة العذراء.
فيما يلي وصف رائع للقاء الإبن الإلهي بأمّه العذراء الكليّة الطهارة بعد قيامته من بين الأموات كما رأته ماريا فالتورتا:
مريم الآن ساجدة، وجهها الى الارض. كأنها شيء تعس صريع. كأنها تلك الزهرة الميتة عطشًا.
النافذة المقفلة تفتح بصفقة عاصفة من مصراعيها الثقيلين، ومع أول شعاع شمس، يدخل يسوع.
مريم التي اهتزت للصوت ورفعت رأسها ترى ابنها مشرقاُ: جميلاً أجمل بما لا يُحَدّ مما كان عليه قبل أن يتألم، مبتسماً، حياً، منيراً اكثر من الشمس، مرتدياً بياضاً يبدو نوراً منسوجاً، ويتقدم نحوها.
تستوي على ركبتيها، وضامّةً يديها فوق صدرها صليباً، تقول في شهيقٍ هو ضحك وبكاء: “ربي، الهي”. وتلبث هكذا مفتونةً في تأملها، وجهها مبلل كلياً بالدموع، انما غدا رائقاً، هادئاً بالإبتسامة والنشوة.
يدعوها اليه ماداً اليها يديه ومن جرحيهما تخرج شعاعات تجعل جسده الظافر منيراً بعد أكثر:”أماه!”.
وينحني فوق أمه التي لا تجرؤ على لمسه، ويضع يديه تحت مرفَقيها المطوٍيين، يُنهضها، يَضُمها الى قلبه ويعانقها.
آه عندها تفهم مريم أن ذلك ليس رؤيا، انه ابنها قائم حقاً، إنه يسوعها…وبصيحةٍ ترتمي على عنقه، تعانقه وتقبّله، ضاحكةً في بكائها. تقبّل جبهته حيث لم يعد من جروح، رأسه الذي لم يعد مشعّثاً ولا مكسواً دماً، عينيه الباهرتين، خديه المتعافيين، فمه الذي لم يعد منتفخاً. ومن ثم تمسك يديه وتقبّل ظاهرهما وراحتهما فوق الجرحَين المشعَّين، وفجأةً تنحني عند قدمَيه، تكشفهما من تحت ثوب بهائه وتقبّلهما.ثم تنهض، تنظر إليه، لا تجرؤ.
لكنه يبتسم ويفهم. يشقّ ثوبه على صدره ويقول:” وهذا أمّاه ألا تقبّليه، هذا الذي أوجعك جداً ووحدك جديرة بتقبيله؟ قبّليني على قلبي أماه. قبلتك ترفع عني الذكرى الأخيرة لكلّ ما هو ألم…”
( لقد زار الرب أمه فوراً بعد قيامته، بحسب شرحه لماريا فالتورتا، فهي النقية البريئة من أي دنس ، كانت الوحيدة التي بإمكانها لمسه قبل صعوده الى الآب.)