مختارات عالمية

مريم العذراء تنقذ شابًّا من الموت بأعجوبة بعد أن حُكم عليه بالإعدام

مريم العذراء تنقذ شابًّا من الموت

يذكر القدّيس ألفونس دي ليكوري في كتابه “أمجاد مريم البتول” أنّ ثمّة شاب بعد وفاة والده أرسلته أمّه إلى بلاط أحد المسلّطين ليخدم هناك، إلا أنّ هذه الأمّ المتعبّدة لوالدة الإله، قد ألزمت ابنها قبل سفره أن يعطيها وعدًا في أن يتلو كل يوم السلام الملائكي وعند نهاية تلاوته يقول هذه الجملة: “أيتها البتول المباركة، أعينيني في ساعة موتي.”

بعد أن وصل الشاب إلى مكان عمله، اتّبع طريق الرذيلة وافتعال المآثم، حتى أن سيّده اضطرّ لأن يطرده من خدمته.

وإذ غدا على تلك الحال السيّئة، عادم القوت الضروري لحياته، شرع كمقطوع الرجا يطوف في البراري لصًّا قاتلًا.
غير أنه، وهو في تلك الظروف، لم يكن يتغافل عن إتمام ما وعد به أمّه، ملتجئًا مرّات كثيرة إلى شفاعة أمّ الرحمة.

قبض عليه ذات يوم رجال القانون وحكموا عليه بالموت. وقبل يوم من تنفيذ الحكم، إذ كان في السجن غائصًا في بحر من الحزن، يتأمّل من جهة شقاوة سيرته وثقل خطاياه وحُكم الموت عليه، ومن جهة أخرى مرارة حزن والدته عندما تسمع بموته هذا، المشين والمُذلّ. ظهر له الشيطان بصورة شاب جميل عندما رآه يائسًا من شدّة الغمّ، ودنا منه واعدًا إيّاه بإطلاقه من السجن وبخلاصه من الموت إن فعل كل ما أراده منه.

وعده الشاب بذلك، فكشف له أنه الشيطان وأنه قد جاء لمعونته، وطلب منه هذا العدّو الجهنّمي قبل كل شيء أن يُنكر يسوع وأسرار الديانة المسيحية، ففعل.
إلا أنه عندما طلب منه أن يُنكر مريم العذراء، أجابه: “كلّا، إنّ هذا الأمر لا يمكن أن أفعله.” والتفت نحو والدة الإله قائلًا لها تلك الصلاة التي تعلّمها من أمّه، وهي “أيتها البتول المباركة، أعينيني في ساعة موتي”. فعند تلفّظه بهذه الكلمات غاب عنه الشيطان.

غير أنّ الشاب تضاعف ألمه من مرارة الحزن، لأنه زاد على خطاياه السابقة، هذه الأخيرة الأشدّ شناعة ونفاقًا منها جميعها، وهي نكرانه ليسوع المسيح ولأسرار ديانته. وإذ واظب على الإلتجاء إلى شفاعة الأمّ الإلهيّة، استمدّت له نعمة الندامة على خطاياه كلّها، فاعترف بها بدموع غزيرة وبتوجّع مرّ.

عندما أخرجه الجنود من السجن، ليمضوا به إلى مكان القتل، شاهد في الطريق أحد تماثيل والدة الإله مجسّمًا، فحيّاها بالسلام الملائكي، حسب عادته مضيفًا إليه تلك الكلمات “أيتها البتول المباركة، أعينيني في ساعة موتي”.

أحنى التمثال عند ذلك رأسه بشكل شاهده الشعب كلّه، كأنّ العذراء المجيدة قد ردّت عليه السلام شاكرة.

ازداد الشاب عندها تخشّعًا وطلب من الجنود أن يسمحوا له بأن يدنو من ذلك التمثال ويُقبّل قدمَيّ العذراء. فمانعوا في البداية، لأن ذلك خارج عن المرسوم. إلا أنهم خوفًا من الشعب الذي شاهد الأعجوبة، وبدأ يصرخ ضدّهم، اقتادوا الشاب أمام التمثال المقدّس.

عندما انطرح الشاب مقبّلًا قدمَي البتول، مدّت يدها وأمسكته بشدّة حتى أنه لم يعد ممكنًا تخليصه منها.

فصرخ الشعب كلّه “نعمة، نعمة”. وهكذا أعطيَت النعمة للشاب بأن نجا من الموت، فرجع إلى وطنه، وسار سيرة مسيحية فاضلة، مستبحرًا في التعبّد لمريم التي أنقذته من الموت الزمني، ومن الموت الأبدي أيضًا.

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق