مواضيع روحية

يكثر الحديث عن القريب والنميمة حول المائدة – إليكم هذه القصص للتأمّل

القديسة فوستينا، البابا فرنسيس، الأخت إيمانويل مايار، وغلوريا بولو يتحدّثون عن النميمة

غلوريا بولو تحترق!

امرأة من اصول كولومبية تدعى غلوريا بولو، وهي  طبيبة اسنان في بوغوتا. قد اصابتها الصاعقة خلال عاصفة قوية، ووجدت نفسها في العالم الآخر. كانت تكره الآخرين وتُكثر الحديث عن القريب وتمقت الكهنة وتسخر من الله.

كانت قد عاشت حياة انانية وتكبُّر على الارض بسبب جمالها وغناها وذكائها الاستثنائي.  ازدرت وصايا الله كلها الواحدة تلو الأخرى، وحثت الآخرين على السير على خطاها. وعندما وصلت الى  العالم الآخر رأت نفسها تغرق في بئر ظلمات لا عمق له وكانت ستقع في جهنم. ولكن قبل ان تجتاز الباب وبنعمة خاصة. تذكرت كلمة قالها لها يوم احد مرضاها:

غلوريا! انك مادية للغاية. ويوماً ما ستواجهين المشاكل مع الله! انما تذكري دائماً ما يلي : الله رحوم، ناديه لتحصلي على مغفرته!

فراحت غلوريا تنادي:

سامحني يا رب! امنحني فرصة اخرى!

عند هذه اللحظة بالتحديد. كما لو سحبتها قوة غير منظورة، شعرت وكأنها ترفع نحو النور ورأت يسوع. تحدث معها وأوكل اليها مهمة على الارض. فاستردت الحياة من اجل ذلك. استعاد جسدها الممزق عافيته بأعجوبة (تملك غلوريا الوثائق الطبية عن المرحلتين). اطلعها الله على ما يجب ان تعرفه لكي تُتِمّ رسالة كبيرة في الكنيسة. فأصبحت عكس ما كانت عليه تمام. شهادتها قوية جداً لدرجة ان آلاف الأشخاص  يهرعون الى الاعتراف بعد  الاستماع اليها.

منذ تلك التجربة الموثرة، تعيش  غلوريا حياة قداسة. لقد فهمت جيداً الرسالة! قصتها غنية للغاية وتستحق ان تدون في كتاب مستقبل لئلا تنقص اهميتها. ولكني سأتوقف هنا عند نقطة لافتة في سلوكها. احياناً تتواجد مع بعض الأشخاص حول المائدة او في اجتماع ما. ويحدث ان ينحرفوا في  الحديث ويذهبوا الى الانتقادات والى الحديث عن القريب. وعندما تسمع غلوريا ذلك. تنسحب عن المائدة من دون التفوه بكلمة لأحد وتذهب الى غرفة أخرى حيث تصلي  بحرارة. وعندما سئلت عن هذا التصرف المفاجئ  والنافي لقواعد الاحترام اعترفت ببساطة بأن أحاديث كهذه تحرِقها فتضطر الى الهرب (كانت تشعر حسيّاً بنار تحرقها)! 

وتفسر لمن يريد الاصغاء جيداً لها الى أي مدى النميمة وخصوصاً خطيئة تشويه سمعة الآخرين ممقوتة لدي الله وأي الآم مبرحة تعانيها الأنفس في المطهر (التي رأتها خلال مرورها في العالم العلوي) لكي تتطهر من هذه الخطيئة.
(روابط عن قصة غلوريا بولو موتها وعودتها للحياة في نهاية المقال)

ماذا تقول القديسة فوستينا؟

تفصح القديسة فوستينا كوالسكا عن بعض فضائل الصمت التي غالباً ما تكون مخفية: “السكوت هو بمثابة السيف في المعركة الروحية. إنّ النفس الثرثارة لن تبلغ القداسة ابداً. ان سيف الصمت يقطع كل ما من شانه ان يتشبث بالنفس. نحن شديدو التأثر بالكلمات، ونريد ان نجيب حالا. من دون ان نأخذ بعين الاعتبار ما اذا كانت ارادة  الله هي ان نتكلم او نصمت.
إنّ النفس الصامتة قوية، ولن تلحق بها الشدائد أي اذى ان هي حافظت على صمتها. ان النفس الصامتة قادرة على الاتحاد بالله بالطريقة الأكثر عمقا. وتعيش تقريباً في كل حين تحت إلهامات الروح القدس. فالله يعمل في النفس الصامتة من دون عائق. (يوميات الاخت فوستينا المقطع 477). 

الأخت إيمانويل مايار تروي لنا:

منذ اول لقاء حول المائدة في ساسوولو Sassuolo وأنا محاطة بعشرات الأصدقاء اقترحت ألا نتحدث عن الطعام في ما بيننا بل أن نحرص على التحدث بمواضيع تساهم في رفع مستوى النور في ذواتنا وتدفعنا اذا الى النمو. اجتاحت قلبنا رغبة التحدث عن يسوع وعما جعلنا نفهمه من خلال الانجيل او عبر حدث جرى معنا. لم يطل تبيان النتيجة! صعب علينا الفراق عند نهاية العشاء. لأن الجميع أرادوا التعمق في هذه المواضيع. كانت قلوبنا ملتهبة للغاية. كتلميذي عماوس (مع مراعاة النسبة).
كان حضور يسوع في ما بيننا ملموساً وكنا نرغب في ان نقول له: “ابق معنا يا رب !” 

يكفي أن نقرر ذلك قبل العشاء. اعتدنا أن نجلس حول المائدة من دون التفكير في عظمة هذه اللحظة كما أرادها الله. فنعبر عن كل ما يخطر ببالنا ونتحدث عن أمور أقل أهمية. وللأسف  نتحدث بالسوء عن القريب. فيما معاً نستطيع أن نجعل من هذه اللحظات أوقات مشاركة ممتازة حيث كل واحد يلتزم بعمق بنشر ملكوت الله في قلب من يشاركه المائدة. ان قررنا ذلك خلال صلاة التبريك التي تسبق العشاء. نلاحظ فوراً ان الله يلبي الدعوة (يفرح جدا بان يكون مدعواً ) ويتّخذ العشاء منحى مختلفاً تماماً.

اعتادت جدة كرواتية ان تشارك بالذبيحة الالهية يومياً. وعندما تعود الى المنزل تشارك مع خاصتها ما قاله الكاهن في العظة. وفي أوائل الظهورات ذات مساء لم تستطع أن تذهب الى القداس لأسباب صحية غير أن عائلتها ذهبت للمشاركة بالذبيحة الالهية. ولدى عودتهم سألتهم الجدة عما قاله الأب يوزو في عظته (وهو كان كاهن الرعية آنذاك). في هذا اليوم طلب الأب من جميع الرعية بأن يتعهدوا امام الله  بتمضية ليلة من دون التفوه بكلمة عن القريب. عند سماعها الخبر، صرخت الجدة بعفويه: 

“ولكن عما سنتحدث؟”

في حياته على الأرض، ثمّن يسوع بذاته هذه اللحظة، التي هي تناول العشاء معاً. يا لها من فرصة جميلة لنا ايضاً، أن نجعل منها لحظة مباركة، وليس وقتاً لملء الفراغ بكلمات فارغة، اذا لم نقل لإهانة الله. أستنتج غالبا أن يسوع يثمّن رغبة من يطلب إليه: “يا رب. استعملني خلال هذا العشاء ليكون فقط لمجدك!”

 

وللبابا فرنسيس رأي بالموضوع:

لا يمضغ البابا فرنسيس كلامه عندما يتكلم عن الحديث عن القريب، النميمة. بل يحث محيطه على الاحتماء منه لأنه يدمّر الوحدة (عظة 29/9/2013 ) . وإذ يواجه على غرارنا جميعا. فخ ألثرثرة اصر على توضيح الأمور خلال عيد القديس ميخائيل  رئيس الملائكة. في الواقع ,هذا الملاك هو شفيع الجسم العسكري المسؤول عن أمن الفاتيكان. 

في ذاك اليوم دعا البابا رجال الأمن لزيارة مهمة جديدة على مهامهم التي تفرضها عليهم الدولة محاربة الثرثرة والنميمة, وهما آفتان روحيتان تزرعان الفتنة وتدمران الوحدة الغالية على قلب يسوع.

“لا أطلب منكم أن تحموا أبواب الفاتيكان وشبابيكه فقط، ولكن أيضا على غرار شفيعكم القديس ميخائيل، أن تحموا أبواب قلوب الذين يعملون في الفاتيكان، حيث تستطيع التجربة أن تدخل. أريد أن أقول، وأقول هذا للجميع. وأقوله لنفسي أيضا للجميع – إنّ هذه التجربة تعجب الشيطان كثيراً: التجربة ضد  الوحدة فيما بين الذين يعشون ويعملون في الفاتيكان. يريد الشيطان ان يشعل حرباً داخلية، نوعاً من الحرب الاهلية والروحية. لا تُشَنّ هذه الحرب بالأسلحة التي نألفها، انها تُشنّ باللسان. اطلب منكم أن ندافع بعضنا عن بعض بوجه الثرثرة . يترجم هذا الدفاع واقعياً بعدم الحديث عن القريب بالسوء، وعدم الاصغاء الى القيل والقال. وأضع حدّاً لكل من يتفوه بالسوء عن آخر! “هذا غير ممكن هنا: اذهب الى بوابة القديسة حنة. اخرج وابدأ بالثرثرة هناك. أما هنا فلا!”

1- غلوريا بولو – ضربة الصاعقة
2- غلوريا بولو – على ابواب جهنّم
3- غلوريا بولو – دينونتي
4- غلوريا بولو – الأسرار المقدّسة
5- غلوريا بولو – السقوط
6- غلوريا بولو – الموت الروحي
7- غلوريا بولو – العودة

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق