السبب الحقيقي وراء طرد يسوع للباعة من الهيكل وغضبه الشديد

يُعدّ طرد يسوع للباعة من الهيكل من أروع جوانب شخصيّته. إنها قصة تجذب انتباهنا، وتجعلنا نعتقد أنه ربما، في هذه المناسبة، بالغ يسوع كثيرًا في ردّة فعله. في الواقع، للقصة بُعد أعمق بكثير مما إذا كان يسوع قد غضب قليلاً. تتحدث القصة عن تطهير درامي أكثر بكثير: خراب الهيكل ونظام العهد القديم بأكمله.

إنجيل مرقس، الذي يزعم البعض أنه أقل اهتمامًا بألوهية يسوع، يُظهر لنا في الواقع ثلاث حالات مذهلة حيث مارس يسوع سلطته الإلهية وسيادته. وهي:

1- سلطان الرب يسوع على السبت (مرقس 28:3)
2- سلطان الرب يسوع على الزواج والطلاق (مرقس 12:10-6)
3- سلطان الرب يسوع على الهيكل (مرقس 18:11-15 و 37:13-1)

إذن ما الذي حدث مع يسوع وصرّافي الأموال في الهيكل؟ هل القصة ببساطة أن يسوع انزعج من وجود تجارة في الهيكل؟ أم أن هناك شأنًا أكثر عمقًا في ذهن يسوع؟

لقد تنبأ الكتاب المقدس (على الأقل من الناحية الرمزية) عن يوم سيأتي فيه المسيح الى الهيكل، مُمَحِّصًا إلهيًا:
«هأنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي. ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي، قال رب الجنود. ومن يحتمل يوم مجيئه؟ ومن يثبت عند ظهوره؟ لأنه مثل نار المُمَحِّص، ومثل أشنان القصّار». (ملاخي 2:3-1)
وعندما جاء ذلك اليوم، قال الرب يسوع: «أليس مكتوبا: بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص». (مرقس 17:11)

الهيكل الخارجي، حيث حدث البيع والشراء، من المفترض أن يكون مكانًا صلاة وعبادة للأمم غير اليهودية. غضَب يسوع لم يتعلق بالمال، بل بالخلاص. إن تحويل الهيكل الخارجي إلى سوق وتجارة أعاق بشكل فعّال خطة الله لخلاص الأمم والوثنيين.

طرد يسوع للباعة من الهيكل هو نبوءة عن خرابه. العرض الدرامي لعملية قلب يسوع لموائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، يُنذر بقرب خراب الهيكل العنيف عام 70م.
لم يكن يسوع يقلب مجرد الطاولات في الهيكل، بل كان يقلب نظام العهد القديم بأكمله.

في تفسير الكتاب المقدس للقديس اغناطيوس يقول:

“لأن إسرائيل فشل في التوبة، تم تدمير هيكل سليمان (الهيكل الأول) من قِبل البابليين عام 586 قبل الميلاد. بشكل مشابه واجه يسوع الإسرائيليين الذين كانوا يفترضون أن عهد الله معهم سيظل آمنًا على الرغم من خطاياهم … تماديهم في الخطايا أدّى الى خراب الهيكل الثاني عام 70م (على أيدي الجيوش الرومانية)… هنا أيضًا يجب دفع جبل القدس وهيكله جانباً لإفساح المجال لهيكل جديد: بيت الصلاة الحقيقي المبني من المؤمنين المسيحيين الذين أتوا من جميع الأمم ….”