قصص القديسين

الشياطين تعترف رغماً عنها بعظمة شفاعة مريم وقوّة الوردية في تحطيمهم

مِن كتاب “سر الورديّة المقدّسة العجيب” للقديس لويس ماري غرينيون دو منفور

فيما كان القديس دومينيك “عبد الأحد” يَكرُز بالورديّة المقدّسة قُرب مدينة كاركاسون، جِيءَ إليه بهرطوقيٍّ من الألبيجيين (بدعة انتشرت في أوروبا عام 1376) وكان يسكنه شيطانٌ !

فقام القديس بتلاوة صلاة “التقسيم” في حضور جَمعٍ غفيرٍ من الناس، وقد أُشير الى وجود أكثر من 12 ألف شخصٍ ليَسمعوه. وبما أنّ الشياطين الذين كانوا ينعرون جسد هذا المسكين التعيس، كانوا مُجبرين على الإجابة رغمًا عنهم على أسئلة القديس التي كان يطرحها عليهم، فقد قالوا:

1-أنّ عددهم هو 15 ألف شيطان، قد دخلوا الى جسد هذا الرجل التعيس، لأنّه هاجم أسرار الورديّة الخمسة عشر.

2- بأنّ كرازة القديس دومينيك بالورديّة كانت تزرعُ الرّعب في جهنم بأسرها، وأنّه الرّجل الذي يكرهونه بالأكثر، بسبب النفوس التي كان ينتزعها منهم بواسطة التعبّد للورديّة.

وبعد أن وضع القديس سُبحة الورديّة حول عُنق الرجل الممسوس، سألهم من هو بين جميع قدّيسي السماء الذي يخشونه بالأكثر.
أمام هذا السؤال، بدأوا يصدرون صراخًا مُرعبًا، حتّى سقط الحاضرون أرضًا من جرّاء الخوف … ولكي تتهرّب تلك الأرواح الخبيثة مِن الإجابة بدأوا يبكون ويندبون بطريقةٍ مؤثّرةٍ جدًا وتدعوا للشفقة (…) ويقولون:

«دومينيك، دومينيك، إرأف بنا ونعدكَ بأنّنا لن نؤذيَكَ أبدًا. أنتَ الذي ترأف كثيرًا بالخطأة والمساكين، إرأف بنا نحن المساكين».
«أواه، إننا نتألّم كثيرًا ! لماذا تَلتَذُّ في مضاعفة اوجاعنا ؟ إكتفِ بما نقاسيه من أوجاع !! الرحمة ! الرحمة ! الرحمة !!!».

ودون أن يتأثّر القديس بالكلمات الناعمة لهذه الأرواح التعيسة، أجابهم بأنّه لن يتوقّف عن تعذيبهم حتّى يجيبونه على سؤاله. فقالوا له الشياطين بأنّهم سيجيبونه، ولكن سرًا في أذنيه وليس أمام الجميع (…)

فركع القديس دومينيك على ركبيته ووجّه الصلاة التالية الى العذراء القديسة

«أيتها العذراء مريم الفائقة القداسة، بفضيلة الورديّة المقدّسة، أصدري أمركِ الى أعداء الجنس البشري هؤلاء، بأن يجيبوني على سؤالي».

وما إن انتهت هذه الصلاة، حتّى خرجت شعلة ناريّة من أذني وأنف وفم المسوس، جعلت الجميع يرتجفون، لكنّها مع ذلكَ لم تُصب أحدًا بأذىً. عندها صرخ الشياطين:

«دومينيك، نرجوك بآلام يسوع المسيح واستحقاقات أمّه القديسة وجميع القديسين أن تأذِن لنا بالخروج مِن جسد هذا الرجل، دون أن نقول شيئًا. فالملائكة سيكشفون لكَ ذلكَ، حينما تُريد. ألسنا نحن كذّابون ؟ لماذا تريد أن تُصدّقنا ؟ لا تُعذّبنا أكثر مِن ذلك، إرأف بنا”.

«أيها التعساء، أجابهم، أنتم لا تستحقّون أن أستجيب لكم!».

ثمّ ركع مجدّدًا على ركبيته وصلّى للعذراء القديسة:

«يا أمّ الحكمة الكليّة الجدارة، إنّي أصلّي لأجل هذا الشعب الحاضر هنا، الذي تعلّم طريقة تلاوة “السلام الملائكي”، بشكلٍ جيّدٍ. أرغمي أعدائِك ليَعترفوا عَلنًا عن هذه النقطة، وبشكلٍ كاملٍ وصريح».

وقبل أن يُنهي صلاته، حتّى شاهد العذراء مريم واقفة بقربِه يُحيطُ بها رهطٌ مِن الملائكة، وكانت تضربُ الممسوس بعصًا ذهبيّة قائلة له:

«أَجِب خادمي دومينيك، على ما يطلبه مِنك!». (وكان القديس وحده يرى أمّ الله القديسة ويَسمعها)

عندها بدأ الشياطين يصرخون قائلين:

«يا عدوّتنا، يا سبب خرابنا، وبَلبلتنا، لماذا أتيتي خِصّيصًا مِن السماء لتُعذّبينا بهذه القوّة ؟ هل يَجبُ يا محامية الخطأة التي تَنتشلينهم مِن جهنّم، ويا طريق الفردوس الأكيد، أن نُجبَر على قول الحقيقة كلّها ؟!!».

«هل يجب أن نعترف أمام الجميع بالذي سيكون سبب بلبلتنا وخرابنا ؟ الويل لنا، الويل لأمراء الظلمة. إسمعوا إذًا أيّها المسيحييون:

«إنّ امّ يسوع المسيح هذه هي كليّة الإقتدار، لكي تمنع خدّامها أن يسقطوا في جهنّم، إنّها هي التي مِثل الشمس تُبدِّد ظلمات آلاتنا وحِدَّة ذكائنا؛ إنّها هي التي تَكشِفُ ألغامَنا وتدمّر فِخاخَنا، وتجعل كلّ تجاربنا عديمة الجدوة والفائدة».

«إنّنا مُرغمون على الإقرار، بأنّ ولا واحدٌ من الذين يُثابرون على خدمتها، قد يتعرّض للهلاكِ معنا!».

«إنّ تنهّدٍ واحدٍ من تَنهّداتها التي تُقدّمها للثالوث الأقدس، يَتفوّق على كلّ صلوات ونذور ونيّات القديسين جميعًا. إنّنا نَهابها أكثر من جميع الطوباويين مُجتمعين، ولا نستطيع شيئًا ضدّ خدّامها الأمناء».

«إنّ حتّى مسيحيين كثيرين، الذين يبتهلون إليها عند الموت، وكان يجب حسب شرائعنا أن يَهلكوا قد خَلِصوا بفضلِ شفاعتها ! آه !!! لو كانت هذه المريم الصغيرة (هكذا كان غَيظهم يناديها) لا تناهض مخطّطاتنا وجهودنا. لكنّ منذ زمنٍ طويلٍ قد أطحنا بالكنيسة ودمّرناها وأسقطنا كلّ رهبنانيّاتِها في الأخطاء وعدم الأمانة، إنّنا نعترض بالأكثر على العُنف الذي نواجهه بأنّ كلّ الذين يثابرون على تلاوة الورديّة لا يهلكون!».

«لأنّها تحصّل لخدّامها المتعبّدين ، على ندامة حقيقيّة على خطاياهم، ينالون بواسطتها المُسامحة والغفران».

عندها، جعل القديس دومينيك الجميع يتلون الورديّة برويّةٍ وورعٍ، ولشدّة الدهشة كان كلّما تلى الجَمعُ “السلام الملائكي”، يخرج مِن جسد هذا الممسوس المسكين، عدد كبير مِن الشياطين، بهيئة فحمٍ مُستعرٍ! وبعد أن خرج الشياطين بأكملهم مِن جسد الهرطوقيّ الذي خَلُصَ تمامًا، أعطت العذراء القديسة بركتها للشعب كلّه ولو بشكلٍ غير منظورٍ مِنهم الذين شعروا بفرحٍ محسوس.

لقد كان لِوَقع هذه الأعجوبة ارتداد عددٍ كبير من الهراطقة، وانضمّوا الى أخويّة الورديّة المقدّسة.

المصدر: قلب مريم المتألم الطاهر

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق