أخبار ومعجزات مديوغوريه

ماذا تنبّأ ماتيه سيغو أعواماً قبل بدء الظهورات عن مستقبل مديوغوريه بلدته، وما هي النبوءة التي لم تتحقّق بعد

لا يزال كبار السن في مديوغوريه يتذكّرون ماتيه سيغو العجوز ابن مديوغوريه المرح واللطيف، فهم يرون أمامهم مديوغوريه تختلف عمّا كانوا يعرفونها في صغرهم . لكنها أصبحت صورة واضحة عن كل ما تنبأ عنه ماتيه.

وُلد ماتيه سيغو سنة 1901، كان يسكن عند أسفل تلّة بودبردو (الظهورات)، على بعد خطوتين من والدَي فيتسكا وآل إيفانكوفيتش، في قطاع بياكوفيتشي الذي شهد ولادة الرؤاة. لم يذهب الى المدرسة قط وهو لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة. طوال حياته، عمل بكدّ في رقعة الأرض الصغيرة التي ورثها عن والديه، وهي أرض قاحلة مليئة بالحصى. وكان شأنه شأن جيرانه وأصدقائه، يجني أساس معيشته من كرمه ومن حقل التبغ، بالإضافة الى بقرة وبضع ماعز.

وكأي كرّام آخر ، كان يحبّ مشاركة نبيذه مع أصدقائه، خصوصاً أن قواه تهاونت مع تقدّمه في السن، وكان عليه أن يملأ الساعات الطويلة التي تسبق نهاية النهار.
في كوخه الصغير، لا ماء ولا كهرباء، بل كانوا يعيشون بحسب توقيت الشمس والفصول. ولم يكونوا يعرفون أبداً إذا ما كانوا سيحصلون على الخبز في اليوم التالي. وكانوا ينامون على الأرض جنباً الى جنب. والأسرّة؟ لم يكونوا يعرفونها! ففي كل حال أين سيضعونها؟ كل صباح، كانت زوجة ماتيه، تطوي البطانيات في إحدى زوايا الغرفة المشتركة التي تشكّل مسكن العائلة الوحيد.

ماتيه سيغو كان شخصية محيّرة بقصصه الغريبة! كان يجوب أحياناً وادي مديوغوريه ناثراً في كل اتّجاه كلمات غير مترابطة. كان الناس يبتسمون عندما يمرّ بهم، وبصراحة كانوا يضحكون. فرؤياه كانت خارجة عن المعقول كليّاً! مع ذلك كان ماتيه محبوباً، فقد كان الجميع يرحّب به أينما ذهب. فالناس في مديوغوريه كانوا بحاجة الى هذا المُفَرِّح الجذّاب جداً. وكانوا يقولون “إذا ذهبنا الى الى حفل زفاف ولم يكن ماتيه حاضراً فيه، تكون الحفلة كئيبة”.

في الشتاء، عندما يحين الوقت لصنع الشراب المحلّي في المزارع، لا بد أن يكون ماتيه حاضراً، وإلا فسيضجر الجميع! فقد كانت تنبعث منه حرارة وفرح يجذبان الجميع. فكان يحيي السهرات ويُثلج القلوب المغتمّة من عدم الحريّة.
أقيم استقصاء بين كبار القرية، وكانت النتيجة أن الجميع يتذكّرون ماتيه مع غصّة من الحنان.

كان ماتيه غير قادر على منع نفسه من القلق بشدّة على مستقبل ضيعته، عالمه الصغير المُغلق الذي لم يبارحه قط. كان الأمر أقوى منه. وكان يقول لسامعيه:
– يوماً ما، سيكون سلّم كبير خلف منزلي، فيه من الدرجات بعدد أيام السنة!
فيجيبون:
– هيا “ديدو” أي جدّي، يمكنك أن تحلم دائماً، فما من ضير في ذلك…
– انتبهوا، انتبهوا، يا أولادي! ستصبح مديوغوريه مهمة جداً، وسيأتي إليها الناس بالآلاف من أنحاء العالم كلّه، وسيكونون من شتّى الألوان، فسترون السود والصفر والبيض… سيأتون للصلاة. ولن تعود الكنيسة الصغيرة، كنيسة طفولتي، بل ستُبنى كنيسة أخرى أكبر منها حجماً، وستصبح مليئة بالناس. ولن تتّسع لجميع الذين سيأتون. وعندما سيُفجّرون كنيسة طفولتي، في ذلك اليوم سأموت.

ستأتي عذرائي (مريم العذراء). أقول لكم هذا: أنا لن أرى ذلك، ولكن أنتم، يا أولادي سترونه! سيكون هناك عدد كبير من الشوارع، وبنيان كثير، ولكن الأبنية لن تكون كمنازلنا الصغيرة اليوم. بل سيكون بعضها ضخماً.

وكان ينتابه الحزن حين يقول:
– سيبيع أهلنا أراضيهم لغرباء يبنون فيها فنادق. وستصبح مديوغوريه مكاناً مقدّساً، مع الجبال المحيطة بها. على تلّة كرنيكا ( أسم تلّة الظهورات الأصلي) سيأتي عدد كبير من الناس حتى انكم لن تستطيعوا النوم في الليل. سيأتون لأجل عذرائي… انتبهوا ولا تفقدوا تقاليدكم! صلو لله من أجل الجميع ومن أجل أنفسكم.

لم يكن أحد يأخذ كلامه على محمل الجد، والبعض اعتقد أنه قدّ جنّ بسبب العوز والفقر. كان ماتيه يعرف ذلك، فلم يكن مغفّلاً: لا أحد من أصدقائه كان يصدّق كلمة مما يقوله. والحقّ يقال، لم يكن يبالي إطلاقاً بالملاحظات، ولا يسعى الى التكيّف، فكم بالحري أن يخفّف وطأة رسالته. فهو من طينة الأنبياء، هؤلاء الأشخاص ذوي النظرة الثاقبة التي لا يزعزعها شيء، لأنهم يتأمّلون الحقائق المحجوبة بالسهولة ذاتها التي ننظر فيها الى شروق الشمس!
لديه قوام رجل دين، وقلب مستقيم وحرّ، لا يترصّد رأي الآخرين به. لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه كان يعرف بعضاً من مخطّطات الله الخفيّة لقريته، ومن خلال قريته، للعالم!

الكثير من نبوءاته قد تحقّقت! أصبحت مديوغوريه مهمّة للعالم المسيحي، وبنيت المباني الضخمة والفنادق، والحجّاج يصعدون تلّة الظهورات نهاراً وليلاً صيفاً وشتاءاً. كنيسة طفولته قد هُدمت وبنيت مكانها الكنيسة ذات البرجين التي نعرفها اليوم. لم يعش ماتيه ليراها فقد توفيّ عام 1978 في اليوم الذي هُدمت فيه الكنيسة الصغيرة، كما سبق وتنبّأ!
أما بالنسبة للسلّم خلف بيته عند سفح تلّة الظهورات، قريباً ستبني منظمة أميركية سلّماً بين الطريق وتمثال العذراء على التلّة.

 

نبوءة أخرى تفوّه بها ماتيه سيغو لا تزال مجهولة وغير واضحة. فقد كان يقول:
– سيتدّفق نبع من هنا. نبع سيعطي الكثير من الماء! ماء كثير لدرجة أن بحيرة ستتشكّل، وسيكون لأهلنا قوارب يربطونها بصخرة كبيرة.
لطالما شكّل نقص الماء في مديوغوريه، المشكلة الأولى بالنسبة الى هؤلاء الفلاحين الذين تتخطّى تجهيزاتهم معدّات القرون الوسطى. جرّبوا كل شيء للعثور على طبقة مياه جوفية، وحفروا عميقاً في أماكن عدة من القرية، دون جدوى. ليس في الوادي بئر واحدة، لذا على العائلات أن تحفر خزّانات لتجمع فيها مياه المطر. وفي الصيف الحار لا تكفي الخزانات لتوفير حاجات الناس والحيوانات من الماء، ناهيك عن حاجات الري لمزروعاتهم. فكانوا يستقلّون عربة الحصات ليذهبوا حتى موستار لجلب الماء. فهل ستتحقّق نبوءة ماتيه ويحل مكان نقص الماء بركة نبع متدفّق؟ وهل من الممكن أن يكون لهذا النبع علاقة مع السرّ الثالث – العلامة الدائمة والعجائبية التي ستظهر على تلّة الظهورات كما وعدت العذراء؟

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق