مختارات عالمية

هدنة عيد الميلاد المجيد – قصة حقيقية جرت أحداثها في الحرب العالمية الأولى

هدنة عيد الميلاد المجيد
كانت مرعبة وقاسية حياة الجندي  البريطاني، أو الفرنسي، أو الألماني الذين أمضى بعضهم أعياد الميلاد في الخنادق وهم يسمعون “موسيقى” مفزعة لعيد الميلاد تجسّدت في صرخات الجرحى، وأزيز الرصاص، وانفجارات القنابل، مثلما ورد في رسالة من الجبهة البلجيكية، تصف جال الجنود في الحرب العالمية الأولى.
لكن الجنود كانوا أحيانا يبادرون إلى تعليق القتال لفترة قصيرة لإحياء عيد الميلاد. ولعل المثال الأبرز “هدنة عيد الميلاد” عام 1914 عندما خرج الجنود الألمان والبريطانيون من خنادقهم وغنوا بمرح ترنيمة “ليلة صامتة”، Silent Night ولعبوا كرة القدم على أرض مجردة من السلاح.
كانت الحرب العالمية الأولى مشتعلة في الخنادق. واشتدت قسوة الصراع في البرد القارس، خاصة بعيداً عن العائلة في ليلة عيد الميلاد المجيد.
في تلك الليلة من عام 1914، لمعت أضواء في معسكر الألمان في إيبر (بلجيكا). وحبس الجيش البريطاني الأنفاس خشية التعرض لهجوم وشيك، لكن بدلاً من صوت الرصاص، ترددت في المكان النغمات الشهيرة لأهازيج عيد الميلاد المجيد. وبحرص وحذر، خرج جنود الجيشين من مكامنهم وأخذ كل فريق يقترب من الآخر.
وملأ “الأعداء” الأرض الواقعة بين الخنادق، التي كانوا يعرفونها “بأرض لا أحد”، وراح الجميع يتشاركون القليل الذي كان بين أيديهم، والكثير الذي كانوا يستحضرونه من ذكريات الوطن.
وتتويجاً لروح التآخي، قرروا لعب مباراة في كرة القدم. ويقال إن الألمان فازوا بهدفين مقابل هدف واحد، لكن الأرجح هو أن الفائز الحقيقي في تلك الليلة كان سمو المشاعر الإنسانية.
هدنة عيد الميلاد المجيد

وكانت المأساة هي أنه بعد آخر “عيد ميلاد سعيد” نطق بها أحدهم، عادت العداوة لتضرب بين الجانبين وتستمر لأربع سنوات أخرى. إلا أن المعنى القوي لتلك المباراة دام لفترة أطول وما زال حتى يومنا هذا.

وفي تحرك آخر ربما أقل شهرة، اجتمع الجنود السويسريون والألمان والفرنسيون عشية عيد الميلاد عام 1916 في موقع “لارغزيبفيل” الحدودي السويسري في الجورا حيث تمركز الجنود على مسافات قريبة لدرجة أنهم كانوا يسمعون سعال بعضهم البعض على الجانب الآخر من الأسلاك الشائكة. وكانت المائدة مُجهزة بـ “أطعمة خاصة” ومُزينة بالشموع، وفقا لما جاء في تقرير حول الحدث.
“كان هناك ما بين 20 و30 رجلًا استطاعوا في ليلة واحدة إنجاز ما فعله ساسة بلدانهم بعد سنوات فقط في وقت لاحق، أي الجلوس سلميًا حول طاولة واحدة”، كما أوضح التقرير نفسه. لكن الحفل لم يرق أبدًا للقادة العسكريين بحيث تم نقل الجنود الألمان والفرنسيين إلى موقع آخر بعد فترة وجيزة لأنه، كما يقول فونديرلين: “إذا ما نظرت إلى شخص في عينيْه، فلن تستطيع إطلاق النار عليه”.
 لقد مرّ قرن على الحرب العالمية الأولى لكن الهدنة التي لم يكن مخطّطاً لها ما زالت تُذكر في أيام الميلاد المجيد، كعلامة على تأثير الميلاد في ضبط النفس، والإحترام المتبادل واللباقة .التي هي متطلّبات أساسية لحفظ حقوق الانسان.

توقّف الجنود في ليلة الميلاد لدفن رفاقهم الذين سقطوا في ساحة الحرب، ثم تبادلوا التهاني والأطعمة القليلة التي كانت معهم. توقّفوا عن القتال لأنهم تذكّروا بحنين كبير ليالي عيد الميلاد السابقة التي قضوها بين أحضان عائلاتهم. فذابت قلوبهم شوقاً ورقّةً. هذا العمل البطولي يستحقّ التذكّر، لأن في خضم فوضى الحرب والمذابح والصراعات الوحشية، كان وحده الطفل يسوع قادراً على إختراق ظلمات الحرب التي لم يسبق للعالم أن شهد مثلها.
صرح ذكاري لهدنة ليلة الميلاد 1914 أثناء الحرب العالمية الأولى في ليفربول - بريطانيا
صرح تذكاري لهدنة ليلة الميلاد 1914 أثناء الحرب العالمية الأولى في ليفربول – بريطانيا

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق