الكنيسة المقدسةمواضيع روحية

كل ما يجب معرفته عن الغفرانات التي تمنحها الكنيسة وكيفية الحصول عليها!

ما هي الغفرانات وكيف نحصل عليها؟

الغفران هو المسامحة، أمام الله، بالعقوبة الوقتية التي استوجبتها الخطايا، المغفورة من حيث الذنب.

لا بد لنا من التذكير بالحقائق الدينية التالية، لكي نفهم المعنى الحقيقي للغفران:

أ- عندما يرتكب الإنسان خطيئة مميتة، يقترف ذنبًا جسيمًا، ويستوجب عقابًا أبديًا في جهنم، وعقابًا وقتيًا يجب عليه أن يوفيه في هذه الحياة، بتحمّل الأوجاع والمصائب وممارسة أعمال التوبة، أو في المطهر بمقاساة أعذبته الشديدة.

ب- فالذنب لا يُغفر إلا بالندامة الصادقة وبالاعتراف المستوفي الشروط، لكاهن مفوّض.

ج- والعقاب الأبدي يُغفر مع الذنب في الاعتراف.

د- أما العقاب الوقتي فيُغفر في هذه الحياة بطريقتين:

الأولى بالأعمال التكفيرية كالأصوام والإماتات والصلوات الخ، التي يمارسها الخاطئ التائب بإرادته، وكاحتمال الشدائد والأوجاع بنيّة التكفير.

الثانية بكسب الغفرانات، التي تمنحها الكنيسة خارجًا عن سر التوبة (الاعتراف)، بسلطتها التي حصلت عليها من السيّد المسيح.

كيف يستطيع المسيحي أن يستحق الغفران؟

يستطيع كل مسيحي أن يستحق كسب الغفران، على يد الكنيسة، أولًا: إذا كان حسن الاستعداد الباطني، أي إذا كانت نفسه مزيّنة بالنعمة المبرّرة.

ومعنى ذلك أن يكون خاليًا من الخطيئة المميتة، لأن من يكون ملطّخًا بخطيئة مميتة فهو مستوجب بسببها العقاب الأبدي في جهنم. وما دام في هذه الحال، فلا يمكنه أن يحصل على الغفران، كاملًا كان أو جزئيًا، ولا تُترك له أي عقوبة وقتية.

ثانيًا: إذا أتمّ شروط معيّنة حدّدتها الكنيسة.

ولكن هل للكنيسة سلطان على منح الغفرانات؟ وكيف تمنحها؟

نعم إن للكنيسة سلطانًا حقيقيًا على منح الغفرانات لأبنائها المؤمنين،لأن المسيح الرب قلّدها سلطان الحلّ والربط في المحكمتين الروحيتين: الباطنية، أي في سر الاعتراف، والخارجية، كما يظهر جليًّا:

1) من كلام السيد المسيح للقديس بطرس متى 19:16
«وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماوات».

2) من قوله للرسل عمومًا متى 18:18
«الحق أقول لكم: كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء».

فقد قلّد إذًا المسيح كنيسته حلّ ما هو مربوط، وبالتالي قلّدها سلطان الحلّ من العقوبات الوقتية، المفروضة على الخطايا المغفورة في سر التوبة.

الكنيسة بقوة هذا السلطان، تخصّص بنيها المؤمنين تكفيرات المسيح والعذراء والقديسين وإيفاءاتهم.

ومعلوم أن السيد المسيح قد أوفى هنا لأبيه الأزلي إيفاءً زائدًا فائضًا عما تستوجبه خطايانا. وهذا الوفاء لا حدّ لقيمته ولا ثمن له، لأنه وفاء إله.

وكذلك السيدة العذراء والقديسون، قد أوفوا هم أيضًا إيفاءً فائضًا، بصلواتهم وأعمالهم الصالحة. فكل هذه الإيفاءات والاستحقاقات يقال لها 《كنز الكنيسة الروحي》.

والكنيسة، بصفة كونها خادمة سر الفداء، تُشرك بنيها في هذا الكنز عندما تمنحهم الغفرانات. وهي التي تحدد الشروط الواجب إتمامها لكسب الغفرانات.

ثم أنها استنادًا إلى السلطة المفوّضة إليها تخصّص وتوجّه إلى الذين يُتمّون تلك الشروط، استحقاقات السيد المسيح ومريم العذراء والقديسين.

أهمية الغفرانات وفائدتها للمسيحي

الغفرانات وسيلة فعّالة للتكفير عن عقوبات الخطايا، وللنجاة من أعذبة المطهر. ولذلك تحثّنا كثيرًا أمنا الكنيسة المقدسة على الاستفادة منها، وتشجّعنا على كسب أكبر عدد منها، لكي نذخّر لنا استحقاقات وافرة، تؤهلنا إلى الحصول على السعادة الأبدية حالًا بعد موتنا.

فلنقدّر الغفرانات حق قدرها، ولنبادر إلى كسبها بمزيد الاهتمام كلّما سنحت لنا الفرصة، لأننا بها نفيد أنفسنا إذ نخلّصها من أعذبة المطهر، وبها أيضًا نمارس المحبّة نحو النفوس الموجودة في المطهر بإسعافنا إياها، إذ نخصّص بها الغفرانات.

ولكن يجب أن لا نتوهّم أن الغفرانات تُعفينا من القيام بأعمال تكفيرية للوفاء للعدل الإلهي، عن عقوبات خطايانا.

كلّا إنها لا تعفينا، بل تساعدنا وتسند عجزنا وضعفنا البشري، لتقديم الكفارات التي تستوجبها خطايانا.

(يُتبع في مقال لاحق عن أنواع الغفرانات والشروط للحصول عليها)

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق