أخبار ومعجزات مديوغوريه

الرحمة الإلهية تجلّت لماري-لو في مديوغوريه

إن النفوس التي اختارها الله خصيصاً، غالباً ما يُصوّب إليها الشيطان سهامه. وهو متعطّش أبداً لإتلاف الضمائر. فأن يجعل النفس تعتقد بأن الرحمة الإلهية لم تعد تنفعها، يُشكّل انتصاراً شهيّاً لإبليس. وغالباً ما عبّر يسوع عن هذا الأمر للقديسة فوستين. “إنّ قلّة ثقة النفوس المكرّسة في الرحمة الإلهية هو أكثر ما يجرح قلب الله. ويجرحه أكثر من خطاياها بالذات”.

ماري لو سقطت بكليّتها في هذا الفخّ القذر. احتاج الأمر الى سفرها الى مديوغوريه لتستردّ ثقتها برحمة يسوع.
ها هي شهادتها كما روتها للأخت إيمانويل راهبة مديوغوريه الشهيرة:

maxresdefault-1

“كنت في الثانية عشرة من عمري عندما سمعت صوت يسوع لأوّل مرّة في قلبي. فيوم مناولتي الأولى قال لي بوضوح: “في حياتك يجب أن تنسي نفسك لتتمكّني من إسعاد الآخرين”. فيسوع بات يشكّل لي، وأنا طفلة بعد، صديقاً كبيرًا. فأتقاسم وإيّاه كل أفكاري، ورغباتي، ومآسيّ. حقّاً كنت أعيش لأجله.
قرّرت أن أعمل مجتهدة بهذه النصيحة، وسار كل شيء على ما يرام. كان الناس يحبّونني ويمتدحونني بطيبة خاطر.
هكذا انقضت سنوات عديدة. وفجأة وبدون سابق إنذار، تغيّر مسار حياتي. بدأ كلّ شيء ينقلب رأساً على عقب. ولم يعد يمكنني غير لوم يسوع. فصرخت بوجهه غاضبة: “حبّاً بك فعلت كل شيء، كما سألتني أن أفعله. ولكن ها كل شيء قد انقلب ضدّي. فإن كانت هذه طريقتك في الحبّ، فاعلم أنني من جهتي، لن أشاء أن يكون لي أي علاقة بك!”

وبدأتُ منذ ذلك الحين، بدافع الغيظ، الإنقطاع عن الصلاة وعن حضور الذبيحة الإلهيّة. انغمست جسداً وروحاً في أمور العالم. فتعاطيت التدخين، وشرب الخمر، وارتدت البارات، وارتكبت آثاماً من كل نوع. وأكون كاذبة لو أنني ادّعيت أن ما قمت به كان يسعدني.لكنني أطلت بعمر هذه الحالة.

بعد سنوات، شعرت كأنّ يسوع واقفاً الى جانبي!

أكان يبدو حانقاً عليّ؟ لا! على العكس! كان ينظر إليّ بحبّ لا متناهٍ. فانفجرت بالبكاء وطلبت سماحه. فقال لي: “أنتِ تخلّيتِ عني. لكنّني لم أتخلّ عنكِ. وسأظّل بقربك الى أن تميلي من جديد، بناظريك نحوي”.
فرحت أبكي خطيئتي بكاء بطرس لدى قيافا. حينذاك أصلح شأن كل أواصر حبّي مع يسوع، إنما بطريقة أكثر تواضعاً. ولم أعد أستطيع أن أتّكل إلّا عليه وحده. لأنني أنا أخلفت بكل وعد.
حينئذٍ قال لي يسوع: “أعطني كل هذه الخطايا في سرّ الإعتراف”.
أفهمني أن الإساءة التي قمت بها كوني مسيحية وعضواً في الكنيسة أضرّت بالآخرين. لذلك يجب أن أسأل الصفح عبر الكنيسة أيضاً.
وأرشدني الى الكاهن الذي يجب أن أعترف له بخطاياي. لكن هذا الأمر ضايقني. فالكاهن كان طويل الشعر وذا هيئة مستغربة… كما أنه غفا من شدّة الإرهاق أثناء سماع اعترافي! وعندما منحني غفران الخطايا أخيراً، كنت في ذروة عدم الإرتياح. فلم أتمكّن من الإعتراف بكل شيءلأنه كان نائماً.
فتساءلت: “هل غفر لي يسوع فعلاً؟
ما تبقّى من خطاياي كان يُثقل ضميري. ولم أعد أجرؤ على الإعتراف.

medjugoreje1

ذات يوم عُرض عليّ الذهاب الى مديوغوريه.فطلبت من مريم العذراء أن تساعدني على أن أتيقّن من حبّ يسوع. وأنه قد غفر لي كل خطاياي.

ما أن وصلنا حتى توجّهنا الى منزل فيتسكا وطلبت منها أن تصلي من أجل طفلة ابنة أحد أعضاء المجموعة التي أرافقها.
تبلغ الطفلة الخامسة من عمرها تعاني من ربو خانق. فوضعت فيتسكا يديها عليها وصلّت.
ثم توجّه الفريق الى الأب يوزو.

كان عليّ تسجيل محاضرته فجلست في الصف الأمامي من مقاعد الكنيسة.
لا أعلم لماذا لم يقف الأب يوزو على بعد أمتار امامنا.
وإنما اقترب من مقعدي الى درجة أن طرف ثوبه كان يلامس قدمي. فاستغربت الأمر. زاد استغرابي عندما داعب وجنتي. فتساءلت وأنا مضطربة قليلاً: “هل هو فعلاً بكامل قواه العقلية؟”
فجأة بدأت أسكب كل ما في جسمي من دموع دون أن أعرف السبب..
تساقطت الدموع وتساقطت…

كانت دموعي تزداد سخاء ولم أعد أستطيع سماع كلام الأب يوزو.
كنت أرى أنامله تنتقل على حبّات المسبحة التي كان يشدّها الى وسطه.
حينها راحت خطاياي تمر أمام ناظري واحدة واحدة على إيقاع حبّات المسبحة، وبدون رحمة.
بعض خطاياي لم أنتبه إليها البتّة. وبالطبع لم أعترف بها يوماً. كان شعوري رهيباً!
فقلت في قلبي ليسوع: “أكمل! لتمرّ أمام ناظري كل خطيئة! أرنيها جميعاً!”
وكان العرض الرهيب مستمرّاً عندما مدّ الأب يوزو يده فجأة ليرسم على جبيني صليب بركة صغير.
فبدا لي أنه يرى في داخلي ما لا يُرى.

الأب يوزو مع مجموعة من الحجّاج
الأب يوزو مع مجموعة من الحجّاج

وبعد هذه البركة المفاجئة، هطل عليّ سيل من النِّعم وغسلني من قمّة رأسي حتى أخمص قدمي..
شعرت كأن كل قذارة تراكمت منذ زمن بعيد راحت تذوب تحت تساقط مياهٍ نقيّة صافية.

ووسط هذا الشعور، شعور الفداء، سمعت صوت يسوع في قلبي يقول لي:
“عندما تتقدّمين من سرّ التوبة، ابتدئي بذكر الخطايا التي ارتكبتها بعد اعترافك الأخير.
فكل ما ارتكبته قبل هذا الإعتراف يجب أن لا يُذكر ثانية”.
هذا الحدث أعاد السلام الى قلبي. السلام الذي فقدته من زمن بعيد. وطوى صفحة نهائية في علاقتي مع يسوع:

رغم كل النِّعم التي اقتبلتها منذ طفولتي، احتجت الى كل هذه السنوات لأدرك رحمة يسوع.
والهدايا التي يقدّمها لنا على أيدي كهنته في سرّ التوبة!
منذ ذلك الحين، لا شيء ولا أحد بإمكانه أن يسلبني السلام وثقة الطفل هذه.

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق