مختارات عالمية

ما هي المغامرة الخطيرة التي قام بها الأسقف بول ماريا هنيليكا في قلب موسكو يوم تكريس روسيا لقلب مريم الطاهر

في عظة مليئة بالتأثر روى الأسقف بول ماريا هنيليكا أمين سرّ البابا القديس يوحنا بولس الثاني، كيف قام بمساعدة البابا في تكريس روسيا لقلب مريم الطاهر من داخل الكرملين، معقل الشيوعية. فيما يلي ما قاله عن مغامرته في موسكو:

أصحاب الغبطة، الأساقفة الأفاضل، الكهنة الأعزّاء، الحجّاج الكرام.

في تاريخ البشرية، لم يكن العالم متّحداً كما هو متّحد في الأيّام الأخيرة من معاناة ووفاة البابا يوحنا بولس الثاني. في جميع أنحاء العالم، صلّى البشر من أجله. يهود مسيحيون وأيضاً مسلمون. شباب ومسنّين قدموا من جميع الشعوب لتكريم البابا المحبوب ووداعه الوداع الأخير. قادة وطنيون الذين يمكن اعتبارهم ألدّ الأعداء مثل الرئيس السوري بشّار الأسد والرئيس الإسرائيلي موشي كتساف، ابتسما لبعض وتصافحا.

ما الذي دفع 4 ملايين شخص من جميع أنحاء العالم أن يتكبّدوا عبئاً لا يُصدّق من السفر والإنتظار؟ ما الذي وحّد أولئك الذين كانوا لعقود يحملون الأفكار المسبقة عن بعضهم البعض، أو حتى كانوا يميلون نحو العداء؟
هو الحبّ غير المشروط الذي منحه يوحنا بولس الثاني للجميع، دون تمييز من قلبه الأبوي. الحبّ الذي يأتي من الله ويقود الى الله. حصل على هذه النعمة كالراعي الصالح من خلال بذل حياته.

كنّا جميعاً شهوداً كيف تميّزت حياته، منذ محاولة اغتياله عام 1981، بالمعاناة التي لم يُخفها عن الجمهور. ذلك لأنه أدرك جيّداً قيمة التألّم واعتمد على قوّتها الخلاصية والمحوِّلة .

يوحنا بولس الثاني كان كاهناً، البابا، مع قلب يسوع. لقد واجه كل شخص بتواضع واحترام، بغضّ النظر عن العرق او الدين. لا يوجد أي تمييز في حبّه، لأنه يعلم أن يسوع، الراعي الصالح، قدّم حياته من أجل جميع البشر.

بعد إقامته في المستشفى، أعطيت البابا تمثال لسيّدة فاطيما كان قد جلبه حجّاج ألمانيون كهدية من فاطيما. فتوّجه وقبّله وهو يقول “كلّي لكِ”. عندها قلت له: “ارتداد روسيا سوف يتحقّق خلال حبريّتك”. بقي الأب الأقدس صامتاً لفترة وهو واقف أمام التمثال. ثم سألني: “كيف عليّ أن أفعل ذلك؟” فأجبته: “لقد اختارتك العناية الإلهية لتُكرّس روسيا بالإتّحاد مع كل أساقفة العالم لقلب مريم الطاهر. يعتمد السلام العالمي على ذلك. لأنّ ارتداد روسيا يعني الإنتصار على الشيطان.”

في 25 آذار 1984 تمّ الزمان أخيراً. تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة التكريس. في ذلك اليوم، منحني الله نعمة كبيرة في أن أصلّي التكريس هذا في الكرملين، في موسكو. كنت قد أخفيت الصلاة داخل صحيفة. وحتى بالإحتفال بالقدّاس بالإتّحاد مع الأب الأقدس. كان ذلك يوماً مميّزاً للغاية في حياتي. كنت من قبل قد حاولت لمدّة ثلاثين عاما أن أصل الى روسيا، لكن كان ذلك مستحيلاً. فدبرّت لي العناية الإلهية في يوم 25 آذار 1981 بالتحديد، يوم التكريس أن أتواجد في موسكو.

كنت قد زرت الأمّ تريزا، التي عملت معها لما يزيد عن 20 سنة، في أرساليّتها في كالكوتا. في طريق عودتي حصلت لي على تأشيرة دخول الى موسكو. بما أنني كنت قد هربت في الماضي من سلوفاكيا، كانت مخاطرة كبيرة أن أزور دول الكتلة الشرقية…. لقد صلّيت سفر المزامير كلّه ونحن ننتظر قبل أن يُسمح لنا بقطع الحدود. لكن يمكن القول بأن في ذلك اليوم كانت الوردية هي المفتاح الذي فتح قفل موسكو.

عندما أخبرت الأب الأقدس عن مغامرتي تلك، كانت الدموع في عينيه. وقال: “هذا فعلاً علامة بالنسبة لي يا بول. لأن الكثير من الكرادلة والأساقفة واللاهوتيين كانوا معارضين لتكريس روسيا لقلب مريم الطاهر. بالرغم من ذلك، أرسل الله أسقفاً كاثوليكياً الى موسكو ليقوم بالتكريس على أرضها على الفور. قادتك سيّدتنا العذراء بيدها ذلك اليوم”. فأجبته: “لا أيها الأب الأقدس. لم تقودني. هي حملتني على ذراعيها”.

 

اشترك بالنشرة البريدية للموقع

أدخل بريدك الإلكتروني للإشتراك في هذا الموقع لتستقبل أحدث المواضيع من خلال البريد الإلكتروني.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق